الثقافية - بندر خليل
وبعد 47 عاما من الاشتعال الجميل، تخبو هذه «الشمعة» التي طالما أضاءت ما حولها بما تعرف وبما تستطيع إضاءته.. ويبدو أن أبريل 2010 لم يكن شهراً للكذب هذه المرة، فاشتد خلاله المرض شراسة على جسد الراحل، فيما كان من يعرفه من أقارب وأصدقاء ومحبين، يزيدون إلحاحا وطلبا في الدعاء له بالشفاء العاجل، حتى انتقل إلى رحمة الله، يوم الأربعاء 28 (أبريل) 2010م.
«محمد البنكي إلى رحمة الله»
لم يكن مجرد عنوان في الصحف ومواقع الإنترنت في اليوم التالي بعد وفاته، بل كان إعلانا صريحا للكثير من الحسرة والأسى، على رحيل رجل كان في أوج عطائه ونشاطه، وبعد تعيينه وكيلا لوزارة الثقافة والإعلام في البحرين ومستشاراً للوزيرة مي الخليفة بأقل من سنة. حين استبشر بمقدمه المثقفون وكل مهتم بالشأن الثقافي في بلاده، وتأمّلوا وتفاءلوا وكانوا ينتظرون المزيد، لكن الوقت لم يسعف الجميع.
أصداء رحيل البنكي، في البحرين وخارجها، كانت بالغة التأثير، صادقة الحزن.. وكان لديها بالفعل ما يجب أن تحزن عليه.
عشرات المقالات كتبت في رحيل البنكي، ليس لكونه كان وكيل وزارة الثقافة والإعلام، بل بوصفه مثقفا محترما، ودودا، وصاحب مشروع، بل مشاريع.
البنكي، أو «شمعة البحرين» كما يحلو لمحبيه أن يسموه، رحل ولم ينسَ أن يترك أثره في الحياة من بعده، فخلّف سيرة حافلة بالعمل الجاد الملتزم، وبالكثير من المناصب التي تولاها بنجاح -حسب شهادة من عرفوه وعملوا معه-، إذ عمل رئيساً لتحرير جريدة الوطن البحرينية (2005 - 2008) ورئيساً لتحرير مجلة أوان (فصلية تعنى بمراجعات الكتب تصدر عن جامعة البحرين)، بالإضافة إلى كونه عضواً بهيئة التدريس بقسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية بكلية الآداب - جامعة البحرين (2002-2005). ومديراً لدائرة الإعلام والعلاقات العامة بجامعة البحرين (1997-2002). كما عمل البنكي محرراً ثقافياً بجريدة الأيام البحرينية (1989-2000).
ومحرراً لمجلة العلوم الإنسانية بكلية الآداب بجامعة البحرين (1997-1999). وأمين مكتبة بجامعة البحرين (1991). وكان بصدد إنجاز أطروحة الدكتوراه بجامعة عين شمس بالقاهرة حاليا.
بالإضافة إلى اهتمامه الذي عرف عنه، بنظريات النقد الأدبي، والدراسات الثقافية في نواحي لغويات الإعلام وجمالياتها وسوسيولوجيا الثقافة.
أما مؤلفاته فيأتي على رأسها كتابه الذي أثار الكثير من الجدل النقدي على مستوى عربي «دريدا عريباً: قراءة التفكيك في الفكر النقدي العربي». كما صدر له (بالاشتراك) عبدالله الغذامي والممارسة النقدية والثقافية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2003. الرواية والتاريخ ، سلسلة أبحاث المؤتمرات، المجلس الأعلى للثقافة، جمهورية مصر العربية، 2008. الرواية والمدينة، المجلس الأعلى للثقافة، جمهورية مصر العربية، 2007م.
وقبل هذا وغيره، رحل البنكي تاركا خلفه الكثير من المحبين الصادقين في حبهم، والكثير من الطيبين الذين عرفوه وتألموا لموته وصدقوا في دعائهم له وفي ذكر محاسنه التي طغت على صفاته، كما قالوا جل من عرفه من مثقفين وسياسيين ومبدعين وبسطاء.
و»الثقافية» إذ تقدم أصدق التعازي لذوي الراحل محمد البنكي ولدولة البحرين الشقيقة وكل أقاربه وأصدقائه ومحبيه، لا تنسى أن تعزّي صديقه الدكتور عبدالله الغذامي.
رحم الله الفقيد وأسكنه واسع رحمته.