تلقَّت الأوساط الثقافية بفرحٍ وابتهاجٍ نبأ انتخاب الدكتور (عبدالله الوشمي) رئيساً للنادي الأدبي بالرياض بالإجماع، وهو أمر طبعي في ظل الجهد الذي قدَّمه الدكتور - ولا يزال - لإنعاش الثقافة والأدب على جميع الأصعدة وفي جميع المستويات.
إنني لستُ هنا في سياق الحديث عن الدكتور عبدالله بوصفه الرئيس القادم للنادي أو عن الإضافة التي سيقدمها للثقافة والمثقفين، ولن أتحدث عن طموحه المتقد الذي ستدركه فور أن تلتقي به؛ لأنني سأترك ذلك لمستقبل الأيام، فهي كفيلةٌ بالكشف عن ذلك، وإنما أنا هنا لأتحدث عن (أبي فراس) الزميل - الصديق الذي تشرَّفتُ بمعرفته والعمل معه في قسم البلاغة والنقد بكلية اللغة العربية طوال السنوات الماضية.
(أبو فراس) شخصية هادئة تعمل بصمت، لا تلقاه إلا بابتسامة ورحابة صدر، يعشق مساعدة الآخرين وتقديم العون لهم، بل إنه يظل مُتابعاً لمن يستشيره حتى يطمئن على أنه بلغ مراده، مبادر إلى كل عمل يرى فيه فائدةً لباحث أو متعلم، يعينه في ذلك ثقافته العالية ومتابعته الدائمة لكل ما هو جديد في مجال الثقافة والأدب.
في كثير من الأحيان أتلقى اتصالاتٍ من أناسٍ لا أعرفهم يطلبون مساعداتٍ أو استشاراتٍ علمية بخصوص موضوعٍ أو كتابٍ أو رأيٍ في مؤلِّف أو قضية، وكثيراً ما أحيلهم إلى الدكتور عبدالله لأنني أثق بأن هذا الرجل يمتلكُ تعاملاً إنسانياً كريماً مصحوباً بثقافةٍ معرفيةٍ عاليةٍ تجعله بحق مزاراً لهؤلاء الباحثين ومرجعاً لهم، ولا أتفاجأ حين يعود إليَّ هؤلاء ليقدموا لي الشكر والامتنان على هذه الهداية وذلكم التوجيه، ويخبرونني بأنهم رجعوا بأوفر مما تمنوا، واستفادوا أكثر مما أملوا.
وعلى الرغم من أن انشغالات (أبي فراس) الكثيرة وارتباطاته التي لا تنتهي إلا أنك تعجب من تفرغه التام لك حين تطلب منه المشورة أو ترجو منه العون، وإتباع كل ذلك بابتسامته المعهودة وسعة صدره المعروفة:
تراهُ إذا ما جئتهُ (مُتهللاً)
كأنكَ تعطيهِ الذي أنتَ سائلُه!
ولما أرسلتُ له رسالة هاتفية أهنئه فيها بانتخابه أرسل لي: «شكراً لك أيها الصديق العزيز، هو تكليف صعب، ويسعدني كثيراً أن أستفيد من رؤيتك الثقافية وأن أتشرف بالعمل معك»، وهي رسالةٌ يبدو أنه يوجهها لكلِّ من يُقدِّمُ له التهنئة، وهي تفصح عن استشعاره للمسؤولية الملقاة على عاتقه، واستعداده التام لفتح أبواب النادي على مصراعيها وتقبل الآراء، كما أنها تشي بتواضعه وأريحيته وجمال أخلاقه التي عُرف بها.
إنَّ شخصاً بقامة (أبي فراس) وإنساناً بحجم ثقافته وروعة تعامله لجديرٌ بهذا المنصب، ومَن قُدِّر له أن يتعامل معه سيلحظ تلك (الأريحية) ويكتشف ذلك (التواضع) اللذين يجعلانك تتمنى أنك قد عرفته قبل ذلك اللقاء، وتشكر المولى - عزَّ وجلَّ - أن جَمَعَك به وتعرَّفت إليه، ولن يدرك أحد حقيقة ما أقول إلا حين يتشرف بلقائه، ولا أظن أن هذه الأسطر ستوفي (أبا فراس) حقه، ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق، وهنيئاً للنادي الأدبي بالرياض ولنا معاشر المثقفين هذا التتويج.
عمر بن عبدالعزيز المحمود
Omar1401@gmail.com