لأفكاري الرثّة شكل القمر الآيل للأفول، وكما يقول (يودور ريتكه) «في أزمنة الظلام، تبدأ العين بالرؤية».
في مسائي الوادع يشاركني القمر الحزن، مَطْرُوزاً بخيط من مسحة جمال، لماذا تخاف النجمة ضوء الشمس، مسافرة مع الغيوم، اقبض على حبات المطر متلبسة بجريمة النقاء، تفتح كلماتي ريشها كالطاووس، وبتغطرس الأغبياء تطرح تساؤلاتها المُمِلة! هل السماء العالية لها سلالم؟ وهل القلوب السادرة بينها مسافات طويلة؟ في دروب النرجس تسير نجمتي ممتطية مركبة الكون.. وعلى فنن القلب تغرد عصافير الفرح، وبين يدي وقلبي مسافة كبيرة، سوف أدق حدوة حصان على باب قلبي لتطرد الأرواح الشريرة، وأعلن الانتماء إلى فضاء يعج بالتساؤلات المُتعبة؛ فتتجلى لي صورة تفتح ستائرها عن نوافذ المحدودية، إلى أفق بلا عقول بشرية محدودة؛ لأغرس حربة الإجابة: كلنا سنعود بعد انتهاء الحياة، ألا يحق لي أن أحلم بميتة رومانسية؟ كيف يتحدث الموت؟ وما لونه؟ يغزو أرواحنا بعنفوان مُهيب، صليل الموت يتربص بنا، يخدش هزيع قلوبنا بضجيجه الصامت، هل نأكل التفاحة الفضيّة لنعيش إلى الأبد؛ لنعيش شَباباً وثّاباً مُخضراً حد الديمومة. أجساد مُعتلّة مُرتحلة مع القمر، الشمس، الغيمات، في مسيرة نحو النهاية، تُشل أقدام قلوبنا عند مشهد صامت، يغطينا ظلام من بقايا مشاعر عنيدة تأبى الانصياع نحو الموات، إذن سوف أرتب موتي وأنتظره بأناقة بالغة، وأتجمل كحورية تمتطي صهوة مركبة الليل المسافر نحو الصباح بنجماته الحنونة؛ لتقابل أميرها العاشق، إذن سوف أقرأ الفاتحة على روحي برومانسية بالغة الرقة، وبتماهٍ بشري، استعداداً لرحلة حياة جديدة قد تكون ملونة وجَميلة.. مَنْ يَعلم؟
تقول زينب: حياتنا مبتدأ من الدهشة، وخبر من الكفاح، ومضاف من قليل مجهول.
زينب إبراهيم الخضيري