كثيرٌ من أصحاب القرار، ممن منَّ الله عليهم بجاهٍ وسُلطةٍ ومال، ورُبَّما قليلٌ من جمالْ، يعتقدونَ خطأً أنهم تسيَّدوا الخَلق، وأن حاجةَ الناس إليهم مدعاةٌ لأن يستغلوهم باسمِ تلكَ الحاجة.

جاءتني - قبل أيام من كتابة هذا المقال - على استحياء..فتاةٌ واعية ناضجة، دُكتوراه في الإدارة، التزامٌ بالعَمل، كفاءةٌ في الأداء..، جاءتني تشكو من طلبها المرفوض في جهةِ العَمل، حيثُ مسؤولها المُباشر رفض استصدار قرارٍ لها بإلغاء فترة الانتداب وإيجاد درجةٍ مالية تُعيَّن عليها من قبل ديوان عام الوزارة، سيما بعدَ أن أثبتت كفاءتها في العَمل خلال فترة «التدريب « كما يُدَّعى.

ليسَ هذا المُهم.. ؟!

الأهم:

شارفَ موعد الدوامِ الرسمي على الانتهاء، المكاتب شبه خالية، الجميع يستبقُ إلى سجلِ الانصراف، لمحها مُنهمكة في الانتهاء من أكوامِ المخاطبات التي كان يُرهقها بها كُل يوم، فدعاها إلى مكتبه..لبَّت واتجهت..

تفضلي بالجلوس..جلست

قام من كُرسيه..اتخذ من الكُرسي المُجاور لها مُتكئا..

كيف الحال..والأسرة..و الأولاد ؟

أنا مُطلقة..بدُون أولادْ

اقتربْ منها..تنَّحت هي

اقتربَ أكثر..وعينُه تأكُل جسدها المُجلَل بالسواد

قامت مُسرعةً إلى البابْ

ودَّ اللحاق بها، هشاشة عِظامه لم تُساعدهُ

ركضت دُون تفكير..نحو سيارتها

استقلتها هاربة من بين يديه

لمْ تنمْ الليلْ..صدمةً، رُعباً..تكهُناَ بسيناريو الغد القادِمْ.

في الصبَاحْ..وصلت

كعادتها: أول الحضُور.

فوق مكتبها قرار بالعودةِ أدراجها من حيث أتتْ..

وعريضةٌ تُتلى فوق مسامعها من جوانب التقصيرْ

وهي التي بالأمسِ كانت مثلاً يُحتذى به في الأداء..

لأنها صانتْ نفسها

ورفضتْ الاستجابة لمثلِ هذا الذي لمْ يُراعي حُرمةً لدينٍ أو قيمٍ أو شعرٍ ِ أبيضْ غزا مفرقه، أو منصبٍ أؤتمن على كُرسيه، أو أسرةٍ..أصغر أبنائها سيُصبحُ أباً بعد أيامْ..!!

ثم دفنتْ وجهها بينَ كفيها..وبكتْ بُحرقة..

حُرقة مُطلَّقةٍ مقهورة..

أو امرأةٍ مظلومة..

أو فتاةٍ..لم تجد في محطات أيامها من يستحقْ

أو موظفَّةٍ شريفة مُجِّدة رُكِنت على الرَف

خلفها شهادة عالية في بروازْ جميلْ..

وأمامْ عينها دنجوان زمانه

من منصبٍ إلى أعلى

يُمارس مُراهقته المُتأخرة

مع هذه مرة..ومع تلكَ أخرى

لعلَ الحظَ يبتسم له !! فيحظى بإثمٍ كبير

يُطفئ نُور وجهه يوم القيامة !!

دعكُم من جنون خيالي

بالله عليكُم: ألا يحدث هذا في مُجتمعاتنا ؟!

* الله أسألكُم يا من ابتليتُم بهذا الداء..

أن تتقوا الله في النساء

اتقوا الله في النساء

اتقوا الله في النساء..