تجربة جديدة تطرحها الفنانة التشكيلية ليلى نصر الله في معرضها الفردي الأول وإقامته في قاعة العروض بمركز التنمية الاجتماعية بالقطيف وهذه القاعة تعتبر من أنشط القاعات في المنطقة الشرقية فبرنامج المعارض فيها لا يتوقف من عروض التشكيليات والتشكيليين والمصورين الضوئيين والخطاطين، خاصة أبناء المدينة.
ومعرض نصر الله جاء جديداً في عمومه يمثل نتيجة بحثت فيها أعواماً -كما تقول- فهي كانت حريصة على أن تقدم شيئاً مختلفاً وكان لها ذلك فالأعمال في إجمالها تحمل شخصية واحدة، ومفتتحاً للتأكيد على استقلال فني.
عندما اختارت الخوص عنصراً أثيرياً نوعت عليه مجمل التجربة فهي رسمت عليه وهو رسم لم يمثل كثيراً مبتغياتها الأهم وكما لاحظت ومن خلال الأعمال وحديثها أن تنسج من شرائط الخوص أفكارها ومواضيعها الفنية وكانت أعمالاً ذات بعد جمالي حققت فيه معادلاتها الفنية وعلاقاتها ما بين العنصر وفراغاته والعنصر أو المساحة، هو كتلة من الاشتغال على تشكيل شرائط الخوص بحالة (السف) كما يكون الحصير، فتعالج مساحتها كما الحصير وضمن تشكيل له صفة التربيع أو التدوير أو غيره وتتحول بعض الشرائط الخوصية إلى شرائط ذات إيحاءات أخرى؛ فحالة المعالجة وتجاوز طريقة السف التقليدية تمنحها خروجا إلى أفكار أخرى، هي أفكار تتوالد ضمن معالجاتها واشتغالاتها المتواصلة لتحقيق أكبر قدر من النتائج الفنية (الأعمال) وبالتالي توحي بأفكار جديدة ومواضيع لها بعدها الفني وإيحاءاتها، كمن يتحول إلى اكتشاف نتائج جديدة لم تمسك بها للتحول ذاته بقدر حرصها على استكمال مشروعها الراهن، وهو استكمال منحها أسلوبها الفني في هذا المعرض وشخصيتها أيضا، وبعض المواضيع التي أشغلت الفنانة كانت تتجه للحياتي وإلى التراثي المتمثل في الخامة التي تعاملت للاستيحاء منها، فهي مثلا توحي بالألبسة في أحد الأعمال الأكبر حجما كما وتوحي بحياة العصافير من خلال الأعشاش التي تشكلها وتكونها من إيحاء الخامة، بل إنها وظفت خامات ذات علاقة بالخوص ومن نتاج النخلة، ضمنت بعض الأعمال الليف مثلا أو القش أو قشور ساق النخلة (اللحاء) وغيرها وهي مع حرصها على تلوين ما يمكن ويستوجب لتحقيق فكرة ما فهي أيضاً لم توظف هذه الخامات إلا بمحدودية وكأنها لا تريد الخروج إلى جديد إلا بعد استكمال التجربة، مواضيعها الأخرى كانت أيضاً تسعى إلى الإنساني لكن قد تكون الخامة في هذه الفترة لم تحقق ذلك فاكتفت بعمل، أو عملين توحي فيهما بوجود إنساني مباشر فيه هيئة إنسانية يلف بعض أجزائها الخوص أو الشرائط، أما العصافير فهي الأكثر حضوراً في اللوحة فتستعيرها مباشرة من صورة وتلصقها وربما ترسم بعض أطرافها أو أجزائها ليكون الشكل جزءاً من كل العمل بخامته (الحصير)، وفي بعض الأعمال تشتغل ليلى كمن يوحي بحروف لكنها حركة الشرائط التي كان مبعثها الخوص أيضاً، فالاستطالات والانثناءات وحركة الشرائط في الفراغ تبعث ذلك، هناك الحرص على تجويد المعالجة ونظارة المساحة ونقاوتها عن أية تلوينات أبعد من الإيحاء بعنصرها الأثيري، سنجد الفنانة بالتالي أبعد ما يكون عن الألوان المباشرة والصريحة فالأعمال مشغولة في سياق واحد وتحت مجموعة لونية واحدة يتسيد فيها الأصفر المطفي وما يوحي بلون النخلة أو معطياتها من الأخضر أو البني أو الاوكرا وغيرها من ألوان تتجانس حتى وإن أدخلت عليها شيئاً من أزرق أو أحمر فإنها تعمل على تلطيفه وتهدئته بدرجات فاتحة تقربها من الدرجات اللونية العامة التي تشمل أعمال المعرض.
aalsoliman@hotmail.com
الدمام