اقترن اسم الفنانة التشكيلية منى القصبي بالتشكيليات الداعمات للفن التشكيلي السعودي.. بل تُعد من أوائل المبادرات في هذا الجانب بجهودها في إدارتها لمركز الفنون بجدة والذي يُعد المركز الأول لتشكيلية سعودية سخَّرت إمكاناتها خدمة للفنانين وللارتقاء بذائقة المجتمع وتنويره تشكيلياً، فأصبح معلماً إبداعياً استحق تقدير الجهات الرسمية فحظي بإشراف من الرئاسة العامة لرعاية الشباب وما زال يعطي ويساهم في مجالات عدة منها: إقامة المعارض والورش الفنية التي ساهمت في تدريب العديد من المواهب، الفنانة منى القصبي مع ما تحمله من همّ ومتابعة لإنجازات المركز لم تغفل حق عشقها الأزلي (الفن التشكيلي) الذي وضعت لها به موقع قدم في الساحة التشكيلية واسماً لا يمكن إغفاله، الزميل (صلاح الشريف) وافانا بلقاء مع التشكيلية منى بعد افتتاح معرضها الذي تشرَّف فيه يوم السيدات بحضور صاحبة السمو الملكي الأميرة صيتة بنت عبدالله بن عبدالعزيز التي أثنت على المعرض والأعمال.. وحظي يوم الرجال بتشريف آخر من صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز محافظ جدة الذي أشاد بالأعمال الفنية الراقية.

نترككم مع الزميل الشريف واللقاء مع الفنانة منى القصبي حول أسباب انقطاعها عن الساحة.. وأشياء كثيرة حول المركز وتجربتها الفنية.

عودة بعد انقطاع

جاء هذا المعرض بعد انقطاع دام عشر سنوات للفنانة.. مما يدفعنا لأن يكون السؤال الأول حول هذه الغيبة؟

- بدأت الإجابات بشكر صاحبة السمو الملكي الأميرة صيتة على تشرفها بافتتاح معرضها المتواضع ولصاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز محافظ جدة..

وأضافت: نعم أنا انقطعت عن المعارض الشخصية لفترة طويلة.. وكانت مشاركاتي في المعارض الجماعية مستمرة.. لكنها ضعيفة جداً.. وذلك لضيق وقتي.. ولظروف خاصة والحمد لله عدت بمعرضي الثالث بعد غياب دام أكثر من عشر سنوات.. وأشعر الآن بفرحة وكأني أقيم أول معرض.

يحوي المعرض أكثر من 40 عملاً من الأعمال الجميلة وبأفكار مختلفة.. كيف تتصورينها؟

- في هذا المعرض تناولت عدة أفكار من خلال ألبومات:

الألبوم الإسلامي.. وهو عبارة عن لوحات إسلامية بخطوط قديمة وحديثة وآيات في القرآن الكريم.. ولوحة عن مكة.. وأخرى عن المدينة بأسلوب معاصر.. ولوحة تجريدية عن الكعبة والطواف تعبّر عن روحانيات المسلم وترابطه مع دينة ومبادئه.

أما الألبوم الثاني فهو عن الطبيعة والحدائق والزهور.. وهي في أغلب لوحاتي فلا تجد لوحة في المعرض إلا والخضار والزهور في جوانبها.. لأني أحب الطبيعة وأحب الزهور كثيراً.. وأشعر أن الزهور عالم مليء بالمعاني.. وقد سميت لوحتي بأسماء نوف وهيفاء.

ألبوم التراث.. وهو عبارة عن صور صغيرة تجريدية في لوحات متعددة تصور التراث من نواحٍ كثيرة مثل: الملابس والحلي والعادات والتقاليد مثل: لوحة منزل نايف والتي تصوّر (النعال) في مدخل المنزل علامة على الاستئذان.. ودخول المنزل حافياً وهي من اللوحات العزيزة على نفسي لأن اسمها منزل نايف.. وهو اسم ولدي الكبير الدكتور نايف.

أما لوحة مسجد عبد الله فتحكي عن الوضوء والشبشب الزنوبة -أكرمكم الله- في حوض الوضوء تركه دليل على أنه وصل للمسجد متأخراً ثم لحق الصلاة وتبدو سجادة الصلاة وأطراف ثياب المصلين جماعة.

وألبوم الإنسانيات.. وعن لوحات تحكي عن العمل مثل لوحة رزق أو بائعة البرتقال والتي تبدو وكأنها جمعت رزقها صباحاً من البرتقال ثم ذهبت لتبيعه وأخرى لوحة رفقاً بالقوارير والتي تصور المرأة وكأنها إحدى القوارير القابلة للكسر في أي لحظة.

ولوحة بائعة الورد وصاحبة الورد منها لوحتان تصوران المفارقات في المجتمع بين الفقر والغنى.. هناك من يبيع.. وهناك من يشتري وتبدو البائعة بملابس ممزقة وقد طارت قبعتها في جو شديد الرياح.. أما صاحبة الورد فترتدي ملابس السهرة وفي يدها الورد.. كلاهما يعيشان في دنيا واحدة.

والأخوات الثلاث أيضاً وغيرها من اللوحات التي تصور كثيراً من الجوانب الإنسانية كالفراق كما في لوحة موعد الى جانب هناك لوحات مختلفة تعبر مما في نفسي وربما لا أعرف ماذا تقول.

لا يوجد أحد ما أخذ فرصة.. فالرسم موجود والمعارض موجودة والداعمون كثير.. لكن في النهاية لكل مجتهد نصيب.

محطتك القادمه أين ستكون؟

- إن شاء الله سأعرض في الرياض ثم روما ثم لندن ثم أمريكا بدعوات خاصة.. وشكراً لك ولجريدة الجزيرة.. وأتمنى إن شاء الله أن يوفقني الله لأكون مثال السيدة السعودية التي تصور بلدها وثقافة بلدها بالصورة الجميلة المحافظة.

بداية المشوار

بدايتك مع الريشة؟ ومن دعمك.. وما هي قصة تأسيس المركز؟

- هذا السؤال يقودني إلى نقطة مهمة في حياتي.. وهي أني لم أتأثر بشخصية فنية معينة.. ولكني أتعلم من الجميع ومن كل لوحة وكان وراء دعمي وتشجيعي والدي الذي من أهم وقفاته وتشجيعه أنه كان يأخذني معه للمعارض التشكيلية داخل المملكة وخارجها.. أيضاً من وقفاته التي لن أنساها ما حييت عندما قدم لي الأرض التي أسسنا عليها هذا المركز.. وكان معي في التأسيس سمو الأميرة نورة بنت بدر بن محمد وقامت بإدارته لمدة ثماني سنوات، كما أشرفت على دوراته حتى أصبحت معتمدة من الرئاسة العامة لرعاية الشباب مع الريشة منذ أن عرفت أن أمسكها.. بالطبع كانت قليلة ولكن مع الزمن تطورت والحمد لله وأصبحت الفنانات في الساحة عددهن كبيراً والحمد لله.

بصراحة اللي دعموني كثير حيث وجدت الدعم والتشجيع من الكل وعلى رأسهم والدي فقد شجعني كثيراً فمنذ الصغر كانت الهدايا التي تقدم لي في المناسبات عبارة عن ريش وألوان وهي بالنسبة لي هدية قيمة.

* حدثينا عن المركز؟

- تأسس المركز عام 1408هـ.. وكانت سمو الأميرة نورة بنت بدر رئيسة المركز تشجع الفن والفنانين وأقمنا الصالة بالتعاون مع الأستاذ ضياء عزيز ضياء والأستاذ هشام بنجابي وكان دورهما قوياً في تأسيس المركز وبدأنا بالمعارض المتتالية والنشاطات الفنية ثم طورنا الفكرة إلى إقامة دورات تعلم التصوير الزيتي وقد رحب بها سمو الأمير فيصل بن فهد -رحمه الله- كثيراً وقام بافتتاح عدة معارض والاستماع إلى نشاط المركز.. وقد كان -رحمه الله- يوقع شهادات الدورات بالمركز بنفسه.. وقد أقام المركز أكثر من مائتي معرض تشكيلي ودرس في دوراته من كبار وصغار أكثر من ثلاثة آلاف طالب وطالبة.. والحمد لله أصبح المركز الآن بعد عشرين عاماً بيتاً للفن والفنانين من داخل وخارج المملكة.

أخيراً: قال عنها هشام أحمد بنجابي.. فنان تشكيلي.. ورئيس لجنة الفنون بالغرفة التجارية سابقاً:

جميل أن يرى المتابع للفن السعودي هذا النضج في اللوحة التشكيلية لدى فنانة تشكيلية رائدة في مركزها وفي أعمالها وكذلك في تطوير أسلوبها حتى في توقيعها على الأعمال نقف أمام منى القصبي فنقرأ ثقافتها البصرية في احتواء عناصر مختلفة من وسطها وبيئتها ومدى تأثرها بهذا المحيط.. هي أفكار في داخل الكثير منا ولكن ترجمتها إلى أسلوب فيه التعبير والبساطة ما يجعله في تراث واهتمام بالحس الأنثوي وبالطبيعة وما تحمله من ألوان وفصول.. الجانب الديني والروحي في أكثر من لوحة يدل بوضوح عن القيم والمبادئ.. أتمنى لها التوفيق والمزيد من المشاركات الدولية.