في عصر الفضاء المفتوح وفي نقلة إعلامية نادرة من نوعها وفي خطوة رائدة في حقل العمل الإعلامي شهدت الأيام القليلة الآنفة ولادة عدد من القنوات الفضائية السعودية المتخصصة والتي انضمت جنبا إلى جنب مع القنوات الأصلية ليكتمل بذلك العقد، ولتشكل كوكبة إعلامية ينتظر منها تجسيد التكامل في أزهى صوره ومن أبرز تلك القنوات قناة الثقافية التي يتطلع المشاهد إلى أن تكون عميقة الفاعلية في لمساتها التحديثية، وممَيَّزة الكيفية فيما تبثه من مواد إثرائية تعلي من وتيرة الوعي وترفع منسوب الرحابة في التوجه العقلي العام.
الفضاء اليوم يعج بألوان من المواد الإعلامية ولكنها لا تعدو أن تكون معبرة عن مرحلة الغثائية التي يتضخم فيها الكم على حساب الكيف على نحو لا يضيف إلى المتلقي سوى تشويه رؤيته للأشياء هذا فضلا عن التهام طاقته واستنفاد وقته والزج به للانخراط في دهاليز اللامعنى وتعريضه لمتتاليات الإخفاق الذريع في إدارة المنحى الزمني. إن التدشين لقناة تتمحور موادها حول الثقافة والحوار شأن يعكس في حقيقته عمق رؤية القيادة العليا في هذا البلد المعطاء الذي ترتكز بنود قانونه الأساسي على أولوية تقديم الخدمات الجليلة للدين الحنيف وتشكيل التوجه العام على ضوء أدبياته الفائقة البهاء. إن وزارة الإعلام ممثلة بمعالي الوزير الدكتور عبدالعزيز خوجة وضعت بصمة ثقافية تتعالى على المحو، وهي بذلك تحوز على أفضلية السبق الذي سيكون محفوظا في محتوى صحف التاريخ. إن إيجاد هذه القناة وفي ظل ظرف زمني يمور بالتحديات ويموج بهذا الضخ القنواتي الرهيب لهو أمر يستحق الإشادة ويدعو للتفاؤل وخصوصا عندما يتمحور البث حول القضايا التي لها حق الأولوية في نهضة الأمة وخدمة قضاياها وجعل الهم النهضوي هو الأمر الذي يسيطر على مشاعر المتلقين ويخلب أذهانهم. إن التنويع في المواد الثقافية المبثوثة وفتح آفاق أرحب لحوار الفرقاء وملامسة الهم الثقافي في أعمق أغواره هو ما يجعل تلك القناة خليقة بالتصدر الذي يقيها عن أن تكون بمنأى عن بؤرة الاهتمام.
إن قدر المملكة العربية السعودية أن تكون قبلة العالم ومهوى الأفئدة وهذا ولاشك يحملنا تبعة إضافية تملي ضرورة الجنوح نحو إبراز الصورة اللائقة التي تسفر عن سماحة هذا الدين وعن قدرته على مد العالم المكوكب بإشعاعه الحضاري ولا ريب أنه في ظل ازدحام السماء بأشكال صور البث الإعلامي تتضاعف الحاجة إلى تسجيل حضور نوعي لتلك القناة الوليدة التي يفترض تغلغلها في دائرة الضوء على نحو يعكس وبجلاء تلك الخصوصية التي نتوفر عليها ويعبر عن مدى ما تحتويه البنية العميقة في ثقافتنا من مفردات هي في غاية الوضاءة وفي منتهى الإشراق. ولو تمعنا في المنظومة القنواتية التي تجتاح العالم بأسره لألفينا معظمها معوزة في جانب المعارف والخبرات والمفردات المغذية للوعي والحادية به نحو التساؤل والاستنباط وتنمية آليات التفكير الإبداعي المنتج وهذا يلقي أعباء ضخمة على إعلامنا ليقوم بدور إعلامي يلائم تحديات المرحلة ويخلق الترياق اللازم لكافة أدوائها.
بريدة
Abdalla_2015@hotmail.com