سئل الروائي والكاتب الإيطالي الشهير « أمبرتو إيكو» عندما أصدر روايته الأولى ودخل وقتها عالم الأدب من أوسع الأبواب عن كيف لرجل عمره خمسون عاما وباحث جامعي رصين واختصاصي في الاتصال البصري أن ينطلق بنفسه إلى عالم الأدب والخيال، فرد عليهم إيكو: الرجل في هذا العمر إما أن يهرب مع راقصة شابة ورائعة الجمال وإما أن يكتب إحدى الروائع!

وصدق « إيكو» في كلامه وبدون غرور أو مبالغة على الإطلاق. فقد حققت روايته الأولى « اسم الوردة « أعلى مبيعات لرواية في العالم وترجمت إلى كل لغات العالم الحية. ولكن هذا الكاتب الجميل لم يتوقف على شهرة ونجاح روايته الأولى بل أصدر بعدها روايات أخرى لم تقل روعة وإبداعا عن الأولى.

لكن العجيب أن هذا الروائي الكبير لم يتخل رغم هذه الشهرة المدوية والنجاح الكبير الذي أعطاه الأدب، لم يتخل عن عمله الأساسي في الجامعة بين تلاميذه وأبحاثه التي لم تتوقف حتى اليوم.

وأتذكر أنه سئل مرة عن تلك الازدواجية في الكتابة والعمل فقال: إنه يعمل في الأدب بجانب الأبحاث الجامعية ولا تفرقة أو تضاد بينهما. غير أنه عندما ينوي أن يكتب رواية مثلا فإنه يذهب إلى جزيرة نائية ويجلس هناك منعزلا يكتبها بمزاج مختلف.

ومناسبة الكلام عن الكاتب الشهير «إيكو» هو أنه أصدر رواية له قبل سنوات في إيطاليا بعنوان « لهيب الملكة لوانا الغامض» وفيها يقدم بتلميحات جانبا من سيرته الذاتية بعد أن بلغ السبعين من عمره.

وتروي « لهيب الملكة» قصة رجل في الستين من عمره، يفقد الذاكرة الشخصية، إثر تعرضه لحادث، لكنه يحافظ على التاريخ في ذاكرته، أي أنه يتذكر من كان نابليون وموسوليني مثلا، لكنه لا يعرف أن المرأة التي ترافقه في المستشفى هي زوجته. ولمساعدته في استعادة عافيته يتم نقله إلى منزل العائلة الذي يواجه المريض في سقيفته المتعلقات والأسطوانات والكتب التي شكلت جزءا من طفولته وشبابه، والتي ستقدم الأرضية المناسبة كي يتذكر ويستعيد تدريجياً الذكريات والذاكرة.

وكعادته في كل رواية قرأ مئات الكتب ويطوف عشرات المدن ويزور المتاحف من أجل مساعدته في عمله الروائي، فقد طاف هذه المرة طوال عامين العديد من الأسواق والمتاجر وزار محلات بيع التحف القديمة واشترى تقويمات وصناديق بسكويت وعلب تبغ وأسطوانات كان لها مصير مزدوج من ناحية تزيين الرواية ومن ناحية أخرى تشكيل متحف منزلي صغير!

وهكذا فالرواية عند الكاتب الإيطالي الشهير» إمبرتو إيكو» هي إبداع أدبي جميل تستطيع أن تستمتع بالأدب والأسطورة والتاريخ والجغرافيا والعلوم أيضاً!