دار التساؤل بين جماعة من المثقفين حوله؛ فرجّح بعضهم أن يكون قد توفي، واستعانوا بمحرر من مكتب الصحيفة في مدينته فلم يعرفه، وبأحد مسؤولي النادي في منطقته فأكد رحيله قبل سنوات.
تواصل البحث بإصرار من آخرين أنه على قيد الحياة، والحمد لله أنه كذلك، داعين له بطول العمر وسداد العمل، وأسفنا إذا كان الوسطُ الإعلاميُّ والأدبي القريب منه يجهله، وتأكدنا أنها الذاكرة القصيرة التي ترى ما يُرى فقط، ولا تلقفت لما استتر وراء الغيوم حتى لو كانت النجوم.
عبد العزيز بن محمد النقيدان 1358- (1939م) شاعر من بريدة، أصدر ديوانين (ترانيم الرمال وعواطف ومشاعر)، له حضور صحفي وإن نأى مؤخراً؛ فقد مضى على صدور ديوانه الأخير قرابة عشرين عاماً، ولعلها أحوالُه الصحيّة، أو ربما إدراكه -كما كثيرين- عدم الجدوى بعد أكثر من ثلث قرن، و كان في بداياته مشاركاً في صحيفة (الرائد) أيام الأستاذ عبد الفتاح أبو مدين، ويُروى حوار ساخن دار على صفحاتها بينه وبين الأستاذ أبي تراب الظاهري عليه رحمة الله.
النقيدان تخرج في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بمكة المكرمة، وتلقى تعليمه العام في بريدة وعنيزة، كما عمل معلماً ومديراً وموجهاً للغة العربية في مدينته بريدة، والمعلومات المنشورة عنه ضيئلة، بل إن بعض الموسوعات الخاصة بالأدباء السعوديين لم تُشرْ إليه، مثلما لم تشر إلى كثير من الأسماء النابهة.
تواري المثقف دون أن نأبه حكاية تستحق البحث، وقد سبق أن اعتزل (عبد الكريم الجهيمان) سنوات حتى قيَّض الله (للثقافة) كما ل (أبي سهيل) منْ أقنعه بالعودة والمشاركة؛ فكان أن رأينا (سادن الأساطير والأمثال) -مثلما أسماه الإنسان الحفيُّ الوفي محمد القشعمي- يكتب ويحاضر ويرتاد الأمسيات والمنتديات داخل المملكة وخارجها.
لنا نظرتُنا في شعر الأستاذ النقيدان ما يجعلنا قد نختلف حوله، لكننا سنأتلف حول حقّه في أن يجد من (الجماعة الثقافية) - بمختلف مستوياتها التنظيمية - منْ يستعيدُه ولو في صورةٍ من صور التكريم الرمزي التي قد تزيل بعض أحاسيس (عدم الجدوى) التي تؤلم الأدباء - بمختلف مستوياتهم - وهم في خريف العمر، والنقيدان -حفظه الله- نموذج واحد؛ ففتشوا عن الآخرين.
النسيان إضاعة.