الساحة التشكيلية في المملكة متنوعة، مصدر تنوعها الأجيال التي أخذت الفن بجدية فحرصت على متابعته، ومتابعة مستجداته وفق الإمكانات المتاحة لها، هذه الإمكانات في الواقع تتراوح بين شخص وآخر وهي اما قادرة على التحرك والسفر للاطلاع والمعرفة والإضافة، أو التعلم واكتساب معارف بواسطة وسائل أسهل كما أن الاحتكاك ببعض الأنشطة المقامة التي تشهدها بعض مدن البلاد تتوفر في مكان دون آخر.
تتوزع الوجوه الشابة على بعض مدن المملكة وتتمركز في مناطق دون أخرى أعتقد أن الأجواء الثقافية العامة واستجابات أو طلبات الجمهور لها اثر في ذلك ولذلك فإننا في جدة مثلا أو في المنطقة الشرقية نجد جرأة اكبر لدى بعض الفنانين لخوض غمار تجارب احدث بعيدا عن الرضا المؤقت الذي يمكن أن يبديه المشاهد أو الجمهور بشكل عام، ربما المناسبات المكثفة والمتتالية التي تشهدها بعض المدن لها اثر في ذلك فجدة تشهد نشاطات وعروضاً لفنانين عرب بجانب السعوديين وهذا لاشك يترك أثره وفعله وان على المدى الأبعد، في المنطقة الشرقية -على العكس- الأنشطة التي تشهدها محدودة جدا ولم تزل منذ أعوام لهواة أو مبتدئين ولم نر ما يمكننا اعتباره هاما لأفراد أو لجماعات أو لجهات خاصة أو رسمية ومنذ سنوات إذا استثنينا قليلا جدا لا يمثل تغييرا أو ما يمكن اعتباره مختلفا أو مثيرا في تجربة الفنان.
بالمقابل فإن احتكاك بعض فناني المملكة وعلاقاتهم الفنية خارج البلاد قد يتراوح أثرها من فنان لآخر، بعض الفنانين طافوا كثيرا من دول العالم وشاركوا في عدد من المناشط لا نجد لذلك أي تأثير على نتاجاتهم وعلى العكس من ذلك بعض من يحاولون الخروج بجديد أو شخصية فنية مختلفة أو استقلالية، وهو ما أراه في نتاجات بعض الشباب ومن الجنسين فعلى سبيل المثال المحاولات الشبابية أجدها في أعمال متفرقة هنا وهناك لكنها على استحياء عند البعض وقوية عند البعض الآخر وهنا لا اعني المستوى الفني بقدر الجرأة على تناول أو طرح جديد، وبالتالي فإن هذا يتوقف على الجمهور، جمهور وناس وقبل ذلك فنانو المدينة التي يعيش فيها هذا الفنان الشاب، الرسم في إطار المحاكاة والمماثلة والدراسة جانب هام في بدايات ومحاولات البعض لكنه ليس كل شيء. هناك من يحاول تجويد عمله وفق بعض المعطيات الفنية، لكن نجاحه قد يكون محدوداً بقدرته على تقديم شيء مختلف- وفق هذا الإطار- على الأقل وعلى مستوى الموجودين، وهو ما يمكن ملاحظته في بعض المعارض التي بدأت تختفي منها الأعمال ذات الطابع المحاكي أو المماثل، وهي إشكالية تواجه بعض الفنانين خاصة الشباب الذين يميل بعضهم إلى تقديم نفسه وفق بعض الإمكانات الخاصة، والحقيقة أنا أشجع مثل هذا التوجه إذا لم يجد الفنان الشاب ما يستطيع تقديمه وبمستوى لا تنقصه الفنية والسعي لتحقيق حساسيته الخاصة، أعتقد أن الساحة التشكيلية المحلية لا تخلو من نماذج مجيدة وفق هذا الاتجاه لكنها ربما تتحرج أو ترى أن ما تقدمه لا يتماشى مع ما يمكن أن أطلق عليه (الموضة) وهو التوجه الأعم نحو حداثة فنية يتراوح فهمها واستيعابها والقدرة على تحقيقها من فنان لآخر وبمستويات تصل أحيانا حد التشابه وأحيانا التباين وهو إشكال حقيقي قد يسبب تأخرا مستديما للتجربة ولصاحبها في حين يعتقد هو أو هي أن ما يقدمه فنا، ليس كذلك فقط، بل وفنا إبداعيا حديثا.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب «7177» ثم أرسلها إلى الكود 82244
الدمام
aalsoliman@hotmail.com