يتحرك الفنان الشاب محمد السيهاتي بشكل ملفت إنتاجاً ووجوداً على مستوى المنطقة الشرقية ليكون أحد أكثر الأسماء الشابة وجوداً على مستوى العروض الفردية المقامة في المنطقة، آخر معارضه الفردية كان في قاعة تراث الصحراء الواقعة في الخبر، هذه القاعة التي احتضنت في بداية اهتماماتها التشكيلية معرضاً جماعياً لمجموعة من التشكيليات والتشكيليين معظمهم من المنطقة الشرقية، ثم كان معرض الفنانة الدكتورة ندى فرحات وليس آخر معرض الفنان السيهاتي.
لا يكتفي الأخير بعرض ما عرضه أو إعادة أعماله السابقة بقدر حرصه على تقديم ما هو جديد فكان معرضه في تراث الصحراء حاملاً تقنيات وأفكاراً فنية مغايرة إلى حد ما عن سابقاتها في سياق تجاربه الفنية المتواصلة، هنا ينشئ لوحته بناء على تقنيات عدة تبدي تطوراً ملحوظاً في المعالجات والاكتشافات الفنية، ولم يكن الفنان الذي تحرك في بداياته ولم يزل يعود لتلك الخطوات إلا مجرباً جريئاً فهو اقتحم عوالم مستمدة انطلاقتها من نفس الأعمال السابقة التي كانت خلفياتها أبواب شعبية أو جدران لبيوت عتيقة، وكانت خطوطه بالقلم الرصاص معبرة وموحية عن مقدار طلاقة الفنان للتعبير، يتحرك بخطوطه كما هو أثر نجم هاو أو مذنب ساقط، كما سعى إلى تجويد علاقات مساحاته وعناصره لتثبيت مشهده وهو في معظم الأحيان يتجه بصوره الضوئية للأطفال أو لكبار سن يلتقطها من محيطه القريب فالرجال الذين يلتقط صورهم يقول: إن كثيراً منهم له في حياته لزمات خاصة وهو في ذلك يسعى لتثبيتها ولمشهد يتميز بحركة أو هيئة ما، بمعنى أن لكل شخصيته وطريقته في الجلوس أو النظر أو الحديث أو ما إلى ذلك. كانت هذه الاهتمامات سيطرت على فترات من تجاربه الفنية وعندما أقام قبل أشهر معرضاً في القاعة العربية للفنون الجميلة كانت الأعمال ضمن هذا الاتجاه فالألوان زاهية والوجوه واضحة المعالم كمن يلتقط الصورة ويضيف إليها لمسته الفنية الخاصة، هذه الممارسة المجودة أكسبته قدراً من التعامل مع الخامة على نحو مختلف تمثل غالباً في مسعاه التجريدي وخلق علاقاته المساحية بناء على التقنية خصوصاً في معرضه الأخير وهو قدم أعمالاً فيها الحس الطباعي الكرافيكي بجانب الاهتمام التزييني فاللون يتخذ طابعاً محلياً من خلال جرأة الفنان في التعامل مع القيمة ومقدار إحساسه به، وبعلاقته الشعبية فهو يوحي بالقماش كما يوحي بزخارف الأبواب والنوافذ ويؤكد على المفردة التراثية على نحو من التكرار الذي يضيف للأعمال علاقاتها ويماسك ما بينها لتأكيد الصيغة الفنية الواحدة. وهو في هذا السياق يبحث من خلال الخامة مباشرة عندما قدم مجموعة سابقة لمعرض أقامه في قاعة إدراك بالخبر وكانت الأعمال تحمل اشتغالات على خامات بيئية لكن بنفس وحس فني تجريبي يوظف فيه الأقمشة التي ارتبطت بها كبيرات السن مع بعض الإضافات الفنية الخاصة.
ومحمد السيهاتي مع قلقه الدائم وحرصه على تقديم نفسه وفق ما هو متاح على مستوى المنطقة الشرقية خصوصاً ودأبه على إقامة معارضه الفردية في قاعات مدينة الخبر إلا أنني لاحظت تذمره الدائم من وجود زملائه الفنانين وحضورهم نشاطاته ويبدو لي أكثر عتبه على زملائه الذين ينتسب لهم في جماعة الفنون التشكيلية بمركز الخدمة الاجتماعية بالقطيف وهي المجموعة التي خف نشاطها أخيراً وبشكل ملحوظ حتى أقامت معرضها بمناسبة مرور عشرة أعوام على قيامها، والسيهاتي الذي عرض في معظم معارض المجموعة يتحرك ويتواصل مع جمهوره على نحو يؤهله ليكون أحد الأسماء المعروفة إذا امتد نشاطه إلى أبعد من الشرقية إلى الرياض وجدة التي شارك فيها حميدة السنان معرضا، وهذا لاشك سيمنح السيهاتي مزيداً من التألق والتحرك وفق حرصه على أن يكون اسماً في الحركة التشكيلية في المملكة.
*****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7177» ثم أرسلها إلى الكود 82244