إعداد : محمد المنيف
جاء في كثير من الدراسات أن وجود أو حضور المرأة في مجال الفنون التشكيلية بمفهومها المتعارف عليه عالمياً لم يكن موازياً لحضور التشكيليين الرجال، وتشير تلك الدراسات إلى أن أولى مشاركات للمرأة جاءت نتيجة قرب بعض السيدات من أزواجهن الفنانين وقد سبق لنا أن استعرضنا بعضاً من تاريخ مشاركة المرأة في إحدى حلقات الفن التشكيلي التي حملت عنوان (واقع التشكيلي المحلي) وعلى مدى أربع وعشرين حلقة نُشرت في هذه الصفحة.
هذا الأمر ينطبق على ساحتنا المحلية حيث لم تأخذ المرأة التشكيلية وضعها الصحيح إلا في مرحلة لاحقة من تواجد التشكيليين الرجال باستثناء أسماء قليلة خصوصاً في البدايات منها فرص المشاركات بالمعارض الأولى تبعها أيضاً مرحلة منحهن الجوائز وصولاً إلى ما تحقق للتشكيليات من نقلة متميزة في الجانب الرسمي الإداري المتمثل في تخصيص مسابقة ومعرض لإبداعاتهن التشكيلية وأتاحت الفرص لهن للمشاركة في التمثيل الرسمي في المناسبات الثقافية التي يكون فيها نصيب للفن التشكيلي.
المعرض الرابع
نعود مرة تلو الأخرى للحديث عن التشكيلية المرأة التي أصبحت نداً للتشكيلي الرجل حيث أخذت في البحث عن سبل المنافسة ابتداء من التعامل مع الخامة والفكرة والتقنيات مروراً بالتحصيل العلمي في هذا المجال وصولاً إلى الحضور المباشر بأعمالهن التشكيلية في المعارض جنباً إلى جنب مع الرجل، وقد يكون المعرض الرابع للتشكيليات الذي أقيم في مركز الأمير فيصل بن فهد للفنون التشكيلية بمعهد العاصمة النموذجي أقرب الشواهد على هذا التحرك مع أنه لا يمثل إلا جزءاً من واقع الساحة التشكيلية النسائية، فالأسماء المعروفة التي شاركت بالمعرض لا تشكل نسبة في مجموع الأسماء الأخرى المتغيبة وهذا يعني أن المستوى العام للمعرض لا يمكن الحكم به على عموم الساحة، ففي المعرض تنوع في الأسماء والمستويات منهن من له تجربة طويلة ومنهن من لا يزال في طور التلقي والتعلم ومنهن من لا يزال يجرب ويبحث عن وجهته الصحيحة.
أعمال سبق عرضها
من المآخذ على المعرض وجود أعمال سبق عرضها في معارض ومناسبات سابقة وقد ألمحنا في زاوية صفحة الفنون التشكيلية ليوم الخميس الماضي عن هذا الأمر الذي لا يمكن أن نعتب فيه على التشكيليات المشاركات بأعمال تم عرضها إذ لم يكن هناك في شروط المسابقة ما يمنع ذلك، وإنما كان الشرط ألا يكون قد مر على العمل أكثر من ثلاث سنوات على إنتاجه، فقد أحدثت تلك الأعمال نوعاً من ردود الفعل والاستغراب لدى المشاهدين الذين سبق لهم مشاهدتها في مناسبات سابقة كان أقربها معرض رائدات الشهادات العليا للتربية الفنية والاقتصاد المنزلي ومعرض مسابقة السفير الثانية.
تلك الأعمال رغم تميز البعض منها إلا أنها أوجدت نوعاً من الملل والرتابة مقابل توقعات الزوار بمشاهدة أعمال جديدة.
توازن في تنوع الأساليب
المعرض بشكل عام برز فيه تنوع الأساليب والتقنيات البعض منها حقق نتائج إيجابية في التجربة والبحث وأخرى ما زالت تفتقد للبوصلة أو لتحديد الوجهة التي ستنطلق إليها أما الغالبية فقد اعتمدت الواقعية حلاً يمكن به الاقتراب من رغبات الجمهور، مع أنه بإمكان مَنْ نفذ تلك الأعمال الواقعية خصوصاً المتميزة بالتنفيذ الحقيقي للتصوير الزيتي والمائي الخروج إلى فضاءات الإبداع الحديث اعتماداً على تلك القدرات مقابل تجارب يرى بعض التشكيليات أنهن يمارسن من خلالها الحداثة في الفن مع أن ما قدم من تجارب لا يتعدى اكتشاف الخامات والتمكن فيها على حساب الفكرة، حيث نجد أعمالاً تلقائية التنفيذ أخرى كأنها أتت نتيجة مصادفة أو محاولة جريئة مع مادة التنفيذ، أما الأسوأ فهو في بعض الأعمال التي تشعرنا بأن من نفذها لم يكن يعلم إلى أين سينتهي به العمل مفتقدة.
تراجع في الفوز
نتائج الفوز لم تكن مقنعة للكثير من المشاركات وهذا أمر يتكرر مع كل مسابقة إلا أن إغفال الأعمال الواقعية أثار كثيراً من التساؤلات والاعتراضات غير المعلنة، شاب هذا الإغفال شكوك من قبل المشاركات بأعمال واقعية أن لجنة التحكيم تميل إلى الفنون الحديثة، والحقيقة أن هناك مجموعة من الأعمال الواقعية تستحق الإعجاب وتكشف قدرات متميزة في هذا الجانب مع ما برز من أعمال أبضاً في مجال تعدد الوسائط وأعمال الكولاج. بعض التشكيليات أرجعت عدم فوزها إلى أنها لم تقدم الأعمال التي تناسب اختيار اللجنة، ومع أننا لا نستطيع أن نعترض أو نبدي رأياً حول اللجنة لوجود أسماء لا تحتمل الشك منهم الفنان الزميل عبد الرحمن السليمان والفنانة زهرة أبو علي والفنانة اعتدال عطيوي والفنان عثمان الخزيم وهم الأقرب لمسيرة الساحة ومعرفة مراحل تطورها منذ البدايات ومنها جانب النشاط النسائي، مع بقية الأعضاء إلا أننا نرى أن هناك أعمالاً لم يحالفها الحظ مع أنها تستحق الفوز وتتميز على بعض الأعمال الفائزة، مع ما نتفق عليه مع من يطالب لجان التحكيم بإعلان المعايير التي يتم بها اختيار الأعمال والآلية التي تتبع في مثل هذه المسابقات لإبعاد ما علق عند الكثير من إمكانية تأثير بعض الأطراف في لجنة التحكيم على بقية الأعضاء.
أعمال تستحق الإعجاب
لا يمكن أن نتجاهل أي لمسة فرشاة أو تأثير خط أو تجربة تعددت فيها الوسائط فكل ما يتعامل به الإنسان مع الفن جزء من مشاعره وأحاسيسه ولهذا فما سنستعرضه من أسماء لا تعني رأياً عاماً أو حكماً مجمعاً عليه بل هو رأي الكاتب الذي يحترم وجهات النظر الأخرى إذا علمنا أن الحكم على الأعمال الفنية بكل أشكاله وعلى الجمال يعتبر نسبياً يختلف من فرد إلى آخر.
لهذا فمن الأسماء التي نرى أن في أعمالها ما يمكن أن نعتبره متميزاً: منى القرني، غادة آل حسن، خديجة توفيق، رنا الرصيص، ندى الجريان، إيمان الجبرين، سوزان اليحي، مسعودة قربان، علا عصامي، أمل الخميس، عفاف الخالدي، حياة مغربي، حنان حلواني، فوزية القثمي، عواطف آل صفوان, هدي جبلاوي، سوزان اليحي، خلود آل سالم، نادية الحميد. أمل فلمبان.
أعمال خارج التحكيم
الجانب الآخر الذي لفت أنظار الكثير وأثار تساؤلات تلقت المجلة الكثير منها يُعنى بأعمال النحت وتقنيات القوالب والأعمال التطبيقية التي يرى الكثير من الحضور كما نراه نحن أن فيها ما يستحق أن يمنح جائزة فما لا يُؤخذ كله لا يُترك جله مقابل الجهود التي بُذلت من قبل التشكيليات، وإحقاقاً للحق فالدعوة كانت مفتوحة كما أن هناك من الأعمال في هذا المجال ما هو أفضل من الأعمال المسندية، فقد برزت بعض الأعمال بشكل يدل على قدرات مدعمة بالخبرات منها على سبيل المثال أعمال، منال الحربي، مهدية آل طالب، سمر السالم، غادة جان، بدرية الوهيبي, لمياء المريشد، عبير المقرن.
ختاماً
المعرض الرابع للتشكيليات استطاع فيه عدد من الفنانات تجاوز الذات والتغلب على مراحل الخوف والتردد وأصبحن أكثر ثقة بأدواتهن وأساليبهن وبحثهن الجاد.
هذا الطرح الموجز لا يحجب الآراء بقدر ما يتيح الفرصة للحوار في حال رغبة أي قارئ متخصص في طرح وجهة نظره، مرحبين بها في هذه المساحة لنعود للقول والتذكير بأن على التشكيليات الاهتمام بهذا المعرض ووضعه في الاعتبار والحرص على تقديم أعمال جديدة ناتجة عن تجارب وخبرات متوالية لا أن يتم تنفيذ العمل بشكل مرتجل وفي آخر لحظة في موعد تقديم الأعمال، فتسمية المعرض باسم التشكيليات يحملهن مسؤولية كبيرة بحجم ما يشكله الاسم من جذب واهتمام المتلقين من الجنسين فالسيدات ياتين لدعم بنات جنسهن والرجال يأتون للبحث عن نقاط الضعف ومعرفة ما تحقق للتشكيليات من مراحل التوطر التي تشكل مؤشر قوة لمنافسة كبيرة للساحة.