سمكة
عندما بدأت الأمواج تتصاعد انتابني فزع شديد، لم أتصور أن يتحول البحر من الركود والسلام الذي يعيشه، إلى الثورة والهياج، خبرتي المحدودة في السباحة جعلت وتيرة الفزع تزداد داخلي، أغطس تماماً داخل الماء من جراء تلاعب الأمواج بي، ثم أظهر من جديد برأسي وكتفي اللذين يبدو بياضهما من عريهما، صدري المكسو بالشعر الكثيف كقنفذ، أصرخ مستنجداً، أرفع يدي إلى الأعلى عل أحداً يهرع لإنقاذي، فجأة شعرت برغبتي لتحقيق حلمي القديم أن أكون سمكة، هويت داخل الماء بسلام تام..
بلا رجعة
ذهب إلى المدير، كله رغبة في الاعتذار عن الحضور إلى العمل يوم غد.
- أرجوك، أريد أن أعتذر عن الحضور غداً.
- لماذا، ماذا لديك، ما هي الأسباب؟؟؟
- عمي توفي في الديرة، ولا بد أن أسافر لأحضر العزاء.
- كم مرة توفي عمك هذا؟
وجه الصباح
في الغرفة الهادئة، النائمة في الستائر، الموغلة في السواد، اخترق الصباح النافذة، جاءني صوتك:
- أرجوك اطرد هذا الوجه الذي يرقبنا..
أجيبك:
- أحب وجه الصباح المضيء كوجهك..
تصرخين:
- أكرهه، أتشاءم منه.
وجه الصباح، أطل يوماً فأظلمنا، ثم أطل مستلقياً على صفحة الشمس، مقهقهاً، فرحاً، فأعلن فراقنا.
ميت
لقد مت، أدرك هذه الحقيقة، لكن الموتى لا يشعرون، أين أنا الآن، وأين تلك الأسئلة التي تحيطني.
هل حان الوقت للبكاء بحرية، بعيداً عن عيون الناس، أريد أن أبكي بحرارة لأخرج كل ما بداخلي من ألم.. ميت، لقد مت، أدرك هذا..
دنيا للإيجار
قبل أن يخرج إلى الشارع العام، فكر في إيجار سيارته الذي لم يدفعه منذ أربعة أشهر، إيجار المنزل، أقساط سيارة أخرى باعها ليكمل المهر وتكاليف الزواج.. الإيجار الذي يتقاضاه عن نفسه، مقابل عمله في الإدارة الحكومية لا يكفي للإيفاء بالتزاماته المالية الكثيرة..
الإشارة الضوئية الحمراء توقف جنوحه، شرود ذهنه، مرت في الاتجاه الآخر (دينا) كبيرة يعلوها لوحة كتب عليها (دنيا للإيجار) هكذا قرأها.
حنانك
عندما يسكنني الحب، احتاج البكاء.
أتذكر دفء أحضانك، لحظات غارقة في نشوة الحنان..
احتاجك أكثر..
توقفت مراكبي المسافرة منذ زمن، لترسو في مينائك..
هل أنت كما أنت؟
امرأة تتدفأ بالحلم، وتشعل الورود احتفاء بالحبيب.
أم أنت عصفور هجر عشه وأحلامه ولم يعد قادراً على العودة!
أحتاج دفئك..
امرأة تجعلني أبكي بين ذراعيها مثل العصفور*
* مقطع من قصيدة لنزار قباني