إن الإعلام المتنوع رافد مهم للفن والثقافة، فلكي يتم نشر أي ثقافة يجب أن يكون هناك مساندة قوية جداً من الإعلام على مختلف أنواعه، والصحف السعودية هي وسيلة من وسائل الإعلام التي يُعتمد عليها في نشر الخبر، وفي الآونة الأخيرة عندما أنشئت جمعية المسرحيين السعوديين استبشر الجميع خيراً، وكانوا يتوقعون أن تكون هناك تغطية إعلامية مميزه مُصاحبة للانتخابات، لأنه حدث مُهم جداً للوسط المسرحي، ويُعتبر خطوة نحو تفعيل دور المسرحي في المجتمع. ولكن لم يحدث شيء من هذا القبيل كما يتوقعه المسرحيون بل إن الأخبار نُشرت بشكل مُقتضب، مما أوجد سؤالا كبيرا لدى المسرحيين، ماذا جنى المسرحيون من ذنب لكي يتم تجاهلهم بهذا الشكل، هل افتقار المسرح إلى مقومات مُعينة مثل التي نراها في الأغنية سبباً في تقاعس الصحف في تخصيص مُحرر مسرحي للمسرح، أو عن أفراد صفحة أو نصف صفحة تُنشر بشكل مستديم على الأقل أسبوعياً للمسرح. إن تكرمت إحدى الصحف بنشر خبر فإنه يُنشر في أحد أركان الصحيفة وبخجل. هل يخفى على الصحف أهمية المسرح، ودوره في زيادة الوعي الثقافي للمجتمع، بل أصبح المسرح في الدول الأخرى مقياساً لوعي المجتمع من خلال تواجد المسرح في حياة الفرد. وهنا في هذه التحقيق صار هناك تبيان في دور الصحافة في دعم المسرح السعودي من خلال هذا السؤال:
ماذا قدمت الصحف السعودية للمسرح؟
إن الكاتب والمخرج المسرحي مشعل الرَشيد في ورقة نقدية قدمها في إحدى المهرجانات يقول: إن النقد المسرحي هو أحد أهم العناصر الأساسية لتقديم الأعمال المسرحية الجيدة لما للناقد من نظرة موضوعية.. تظهر فيها قدرته على التأمل، مقدماً للجمهور عملاً مسرحياً آخر كصورة تكاملية مع الخشبة.. والنقد المسرحي في صحافتنا المحلية إن وجد فهو ضعيف، نتيجة عدم اهتمام الصفحة الفنية بالمسرح.. وهذا الضعف جاء عنوة، إما من المحرر المشرف على الصفحة أو من التوجه العام للجريدة، ذلك أن نسبة الاهتمام بالمسرح مقارنة بالأغنية تشكل تقريباً واحد إلى عشرة إن لم يكن أقل.
وقد يسأل سائل ما حل إشكالية العلاقة بين الصحافة الفنية المحلية والمسرح؟
إن حل هذه الإشكالية لا تكمن في مطالبة الصحفي أو الناقد المسرحي بالكتابة عن المسرح قبل وأثناء وبعد العرض.. سواء كان العرض منفرداً أو وسط مجموعة من العروض بمهرجان مسرحي.. بل إن المطالبة تكمن في استمرارية العروض المسرحية طوال العام وهو مطلب يستطيع المبدع المسرحي تحقيقه متسلحاً بأسلحة الصبر والتضحيات والنفس الطويل، عندها سيجد الناقد الصحفي الفني نفسه مجبراً على مجاراة واقع المسرح المتواصل مع متلقيه.
أي أنه لا بد أن يكون المسرح في البداية حصاناً يجر عربة النقد الصحفي.. حتى تتحول العربة إلى حصاناً آخر مجاوراً للحصان المسرحي.. وأنا على يقين بأن المسرح إذا وجد هذا الحصان المجاور له سيسبقه فلن يغضب.. لأن الفنان الواعي سيحترم الناقد الواعي وتبعه للوصول إلى محطة المتلقي التي هي الهدف والغاية للاثنين معاً.. ولابد من استمرارية المهرجانات المسرحية المحلية، لأنها تعتبر محطة مهمة من أجل التزود بمعانٍ ذات حركة ديناميكية تحرك من جمود وتزيد من تفعيل الحركة المسرحية المحلية، إذ تدفعها للاستمرارية والنماء والعطاء.
والذين سيأتون للمشاركة في هذه المهرجانات المسرحية من فنانين ومبدعين ونقاد وإعلاميين مسرحيين سوف يجدون مناخاً طيباً للحوار بين الصالة وما بها من متلقين.. وبين الخشبة وما بها من فنانين مسرحيين، وبين داخل الصالة وداخل المجتمع، في حالة تفاعلية أساسها الاستفادة والإفادة، وهو حوار بلاشك.. سيكون إضافةً وتأكيداً لضرورة وجود المسرح كظاهرة حضارية حتمية يستكمل بها الناس في مجتمعهم.. نشاطاتهم التراثية والثقافية والفنية.
الممثل سلطان النوة:
لا يخفى على أي أحد الدور الريادي الذي يلعبه الإعلام في أي مجال من مجالات الحياة ويبقى المسرح كواحد من المجالات التي تحتاج من الإعلام الكثير والكثير.
والصحافة الفنية والثقافية كمجال من مجالات الإعلام المقروء والتي كما أرها (في فترة سابقة) قد مارسه نوع من التقصير تجاه الاهتمام في المسرح ولكن أجد أن الوضع تجدد بمزيد من الاهتمام والتميز ونقل الأخبار والتحليل مما يفتح بذلك المزيد من الأمل.. ولعل المتتبع لصحافة اليومية سيشهد بذلك.
إن الصحف في الغالب يعتمد مراسليها على نقل الأخبار في حين أن العمل على إيجاد الصحفي المثقف والمتذوق للفنون أمر بات مهماً جداً إيجاده.. ذلك الصحفي الذي قد يتناول العمل المسرحي بنوع من التحليل والنقد الهادف ويتبنى من خلاله الرأي والرأي الآخر دون تفضيل رأيه على رأي الآخرين أو مناصرة أراء محكم فيها مصالحه الشخصية والاعتبارية والسعي من وراء ذلك لإرضاء ذاته.
وهنا أود أن أشير بالتحديد لمجموعة من الصحفيين المميزين الذين تجد من خلال تحليلهم للأعمال المسرحية نوعاً من التشريح والتدقيق والبحث.. ومن هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر: عباس الحايك وأثير السادة.. جعفر العمران.. إبراهيم بادي.. ومحمد الرويشد.. ونايف البقمي.. مشعل العنزي الممثل سليمان فلاح للأمانة هنالك صحفيون يسعون وراء كل خبر فني. لكن بالمقابل هل يوجد من يهتم بنشر تلك الأخبار وهل يوجد من يهتم بقراءة تلك الأخبار؟ حدسي يقول إن هناك من يقرأ لكن قلة هم من يهتمون بنشرها والعتب يأتي على إدارة تلك الصحيفة. وهناك عدة صحف نشيطة، وليس الكل.
لكن مع ذلك أحس بأن المسرح والمسرحيين ونشاطات المسرح مظلومة إعلامياً مقارنة بالنشاطات الفنية الأخرى مثل الدراما التلفزيونية والغناء. والسؤال: هل المسرح والمسرحيون فئة على الهامش بالنسبة لمجتمعنا؟
ولا ننسى التجاهل من قبل الإعلام المرئي والمسموع، فنادرا ما تشاهد مقابلة تلفزيونية مع ناشطين مسرحيين أو مؤلفين أو ممثلين أو كتاب. وأيضاً لا توجد تغطيات لفعاليات المسرح والعروض المسرحية.
من هنا نوجه نداء لكل الجهات الإعلامية (نحن بشر كغيرنا والمسرح فن وثقافة ورسالة كباقي الفنون).
الممثل وائل سليمان:
من وجهه نظري وخبرتي في مجال الصحافة الفنية أرى أن الصحفي عادة ما تسيطر عليه سياسة تغطية الحدث ويندفع وراء الخبر ونقله أكثر من تذوقه المعاني الثقافية ومحاولة تحليله للأحداث ومن ثم صناعة التحقيقات الصحفية أو النقد الفني، وأرى أن المسرح من جانبه هناك تقصير أيضاً في عدم التواصل؛ حيث لو أن المسرح خصص منسق إعلامي لأي عمل مسرحي لكان التشجيع والتحفيز لهؤلاء الصحفيين الذين أنهكتهم الأخبار اليومية من الكتابة الأسبوعية أتمنى من صاحب التحرير الصحفي بالتواصل النزيه مع المنتج المسرحي لتتم بذلك إيصال الرسالة المسرحية المطلوبة ويجد الصحفي مادته ويجد المسرحي ضالته.
المخرج والإعلامي المسرحي نايف البقمي:
موضوع الصحافة لا يعرفه إلا الأشخاص الذين مارسوا هذه المهنة وما يتعلق بها من هموم.. الكل من الصحفيين يريد أن يكتب ويعلق وينقد ولكن لا يوجد اهتمام من الصحف المحلية بالجانب الثقافي بشكل عام والجانب المسرحي بشكل خاص.. صفحة واحدة تخصص للثقافة يذهب نصفها للإعلانات في بعض الصحف وبعضها الآخر ينحى المنحى الفني.. أما فيما يخص الصحفيين المهتمين كثيراً فيمن يكتب وينقد ويفصل المسرحيات فهم قلة أبرزهم عباس الحايك وأثير السادة.
وهناك همس من أحد المسرحيين هو الممثل هذال البيشي يقول: الصحافة وبكل صراحة بعيدة كل البعد عن المسرح، لأنه لا يوجد هناك تكريم للصحفيين فلو كان هناك شهادة شكر أو درع تذكاري أو حتى ذكر اسمه في البروشور كاسم إعلامي لأبدعت الصحافة. أنا أريد من الصحافة متابعة المسرح أولاً بأول من البداية حتى النهاية. أي من بداية اختيار الشخصيات مروراً ببروفات الطاولة حتى بروفات الحركة ومن ثم حتى عرض العمل أمام الجمهور ولا ينتهي هكذا بل أخذ آراء بعض الفنانين والجمهور وانطباعاتهم عن المسرحية وكتابه قراءة للمسرحية.
وصاحبي يقول: إن موضوع الصحافة الفنية والمسرح في غاية الأهمية، ومن وجهة نظري أن الصحافة هي بمثابة رد فعل للفعل (المسرح) فالملاحظ أن العرض المسرحي فردي أو جماعي ضمن عروض مهرجان مسرحي، تفرض على الصحافة الفنية خلق مساحات للمسرح للقراء سواء أخباراً أو تغطية أو لقاءات أو تحليلات بعد العرض، وفي تاريخ المسرح السعودي، هناك الفترة المسرحية المزدهرة ما بين الأعوام (1395- 1405هـ) حيث شهد المسرح عندنا على المستوى المحلي عروضا في مختلف المناطق والمدن وبخاصة الرياض والأحساء والطائف وجدة والدمام، وكانت حينها الصحافة الفنية مزدهرة بالمسرح والمسرح مزدهر بالصحافة الفنية خصوصاً ما كان يكتب في جريدة الرياض في ملحقها (فنون) الأسبوعي ليوم الثلاثاء، وكان من أبرز الأسماء الصحفية المتخصصة في النقد المسرحي (مشعل الرشيد) الذي يكاد يكون الاسم الصحفي المتخصص في الكتابة عن المسرح خبراً ونقداً ومتابعة له محلياً وخارجياً. إن الصحافة الفنية لا تلام إذا تجاهلت المسرح في الوقت الحاضر، أليس المسرح هو من تجاهل محليته وبالتالي لا يستحق من يكتب عنه؟