إضاءة زوايا جديدة للتقنية العربية الإسلامية
ليست (مكتبة الملك فهد الوطنية) مركزاً ثقافياً يرتاده طلاب المعرفة فينهلون فيه من صنوف المعارف، ويردون من منابع الثقافة ما هم بحاجة إليه، ويجدون في هذا المركز من العناية والرعاية، وتوفير كل ما يطلبون وما يبتغون فحسب، بل إن هذه المكتبة لم تقف عند هذا الحد، فقد أصبحت أداةً قويةً من أدوات نشر المعرفة بأوسع مجالاتها بما تختار نشره من مؤلفات لا يتسع المقام لإيفائها حقها من التعريف والوصف، وبين يدي القارئ من منشورات هذه المكتبة كتاب (إضاءة زوايا جديدة للتقنية العربية الإسلامية) ألَّفَه المهندس لطف الله القاري، أحد أبناء مكة المكرمة، ومن الحائزين على مؤهل علمي في الهندسة البيئية، وله مؤلفات وأبحاث ومشاركة في ندوات ومؤتمرات، وهو الآن من العاملين، أما الكتاب فيتناول بالعرض موضوعات منها ما يتصل بالحياة العامة، ومنها ما يوضح جوانب من التقدم العلمي للعلماء في ميادين العلم التطبيقي، ومن مباحث هذا الكتاب (الرسم الهندسي في التراث الإسلامي - وسائل السلامة الصناعية في تراثنا العلمي - صحة البيئة ومكافحة التلوث - التلوث الهوائي قديماً وحديثاً - المقياس في العمارة الإسلامية - أضواء جديدة على أبي الفتح الخازني أحد المهتمين بالعلوم الطبيعية في (علم الفيزياء والميكانيكا) - النديم الوراق مؤرخ العلوم صاحب (الفهرست) ترجمة وأخطاء المؤرخين حوله، كتب الحسبة وكتب الحرف في التراث، الكتب الأساسية في تاريخ العلوم الطبية عند العرب والمسلمين).
هذه من أهم مباحث الكتاب، وليست كل ما فيه، فهو كما وصفه الأستاذ الدكتور علي بن سليمان الصوينع أمين (مكتبة الملك فهد الوطنية) يحوي مجموعة من البحوث في مجالات تطرق لأول مرة كالرسم الهندسي عند العرب والمسلمين، والسلامة الصناعية، وتلوث الهواء، ووحدات القياس وتطبيقاتها في العمارة، مع بحثين شاملين لعالمين أحدهما صاحب إنجازات كبيرة في فروع (الفيزياء) المختلفة، والثاني مؤلف كتاب يعد من أهم المؤلفات التي أرخت للانتاج العلمي عند العرب.
ويقع الكتاب في (320) من الصفحات في طباعة حسنة، وفيه عدد من الرسوم المتقنة، وقد صدر سنة 1416هـ(1996م).
في مدرسة النبوة
الأستاذ أحمد محمد جمال - تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جنته - من أبرز الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى في هذه البلاد، له مواقف محمودة ومؤلفات نافعة منتشرة معروفة، وجهود مشكورة في هذا السبيل، ولعل من آخر ما نشر من مؤلفاته هو كتاب (في مدرسة النبوة) الذي قام (نادي مكة الثقافي الأدبي) بإصداره عام 1414هـ، وهو مُؤلَّف وصفه الدكتور راشد الراجح - رئيس النادي - بقوله في مقدمته: (هذا المؤلف عبارة عن أحاديث كان يلقيها المُؤلِّف - رحمه الله - في أحد مساجد مكة في حي الزاهر، بعد أن قام بتنسيقها في فصول متناسبة، بحيث جعل كل طائفة من الأحاديث المتفقة في موضوعها في فصل متفرد) وبعد أن أشار الدكتور راشد إلى أن المُؤلِّف - رحمه الله - أدرك أن هناك مَنْ يخالفه الرأي في بعض المسائل العلمية، كما أدرك أنه يكفيه أنه اجتهد، وأنه يعترف بأن كل عمل إنسان عرضة للنقص، إذ الكمال لله وحده، وفي مقدمة الدكتور راشد ما يوضح جوانب من حياة الشيخ أحمد.
أما الكتاب فيقع في فصول:
الأول: دفاع عن الحديث النبوي، ومن مباحثه: تدوين السنة والحديث الضعيف، وحديث منع الزوج لزوجته الخروج في غيبته.
الفصل الثاني: بعنوان دروس نبوية مطولة، وفيه عرض لعدد من الأحاديث النبوية، كبداية الوحي وحديث إنما الأعمال بالنيات، وحديث خير دينكم أيسره.
الفصل الثالث: دروس نبوية موجزة حول عفة النساء، والغيرة عليهن، والخلوة بهن، والعدل بين الأولاد، وصلة الرحم، ثم حقيقة المسلم وسماحته، والمؤمن القوي، وإفشاء السلام، والمتحابون في الله، وأن الله جميل يحب الجمال، والإعلان النبوي لحقوق الإنسان، ثم أحاديث عن الصيام، وعن الحج.
وقد أجمل المؤلف - رحمه الله - ما يدور عليه هذا الكتاب في أول درس ألقاه بعد صلاة الظهر في مسجد السندي الواقع في حي الزاهر بمكة، حين قال للمصلين بعد الصلاة وبعد الاستفتاح المشروع: (إن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم يحثنا على القيام بالبلاغ عنه، وأنا امتثالاً لأمره سوف أحدثكم بعد صلاة الظهر يوماً بعد يوم بحديث واحد من أحاديث الرسول الكريم، لكي تنتفعوا بما تتضمنه من أحكام وآداب يجب أن تلتزموا بها في أنفسكم وأسركم، وفي تعاملكم مع الناس بيعاً وشراءً، وفي مجالات الزواج والسفر والجوار والتجارة إلى آخر ما يحتاج إليه المسلم من ثقافة ضرورية في أمور حياته، وفيما يجب عليه من عمل واستعداد لما بعد الحياة من لقاء الله عز وجل، وانتظار الحساب والجزاء).
وأوضح أن الوقت الذي قَدَّره للدرس الواحد لا يطول أكثر من خمس دقائق، وقد وقعت هذه الدروس في كتاب بلغت صفحاته (256) بطباعة حسنة؛ أفضل أبناء الشيخ أحمد - رحمه الله - بنسخة منه لصاحب مجلة (العرب) فشكر الله لهم ووفقهم لما يحبه ويرضاه.
(الفتح الرباني مختصر تفسير الإمام الشوكاني)
أفضل الأستاذ الشيخ عبدالعزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ على مكتبة مجلة (العرب) بنسخة من مؤلفه القيم الحديث (الفتح الرباني مختصر تفسير الإمام محمد بن علي الشوكاني) والإمام الشوكاني: هو محمد بن علي بن محمد (1173 - 1250هـ) من العلماء المجتهدين في عصره، وهو ممن ناصر الدعوة الإصلاحية التجديدية التي قام بها الإمام الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - وله مؤلفات معروفة من أشهرها (نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار) في ثماني مجلدات، و(البدر الطالع في محاسن من بعد القرن السابع) وتفسيره المشهور (فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير) في خمسة مجلدات، إلى غير ذلك من المؤلفات والرسائل العديدة، وقد رأى الأستاذ الشيخ عبدالعزيز - وفقه الله - أن ذلك التفسير فيه من المآخذ ما يجب التنبيه عليه مما اتبع فيه من سبقه من بعض المفسرين كالقرطبي والبيضاوي وأمثالهما من تأويل بعض صفات الله جل وعلا تأويلاً يتفق مع مذهب الأشاعرة والمعتزلة ومن حَذَا حذوهم(1)، مع أن الشوكاني - رحمه الله - أوضح بيان فساد مذهب المعتزلة، وفند آراءهم، وتعقب صاحب الكشاف فيما خالف فيه الصواب، وردَّ عليه ردَّاً قوياً، ومع ذلك لم يخلُ تفسيره مما يجب التنبيه عليه مع قلته، وكثرة فوائد ذلك التفسير؛ قال - وفقه الله - ما ملخصه: (وقد أطال الشوكاني في المباحث اللغوية بما لا يحتاج أكثر القراء إليه، وقد يعكر صفو متابعة التفسير، ومعرفة معاني (القرآن الكريم)، فعقدت العزم على اختصاره وتهذيبه والتعليق على بعض مسائله، بما يزيل اللبس ويوضح وجهه الحق).
وقد وقع هذا المؤلف (الفتح الرباني) في أربعة مجلدات ضخام صفحاتها، (927 + 964 + 1005 + 983 = (3879) صفحة، مطبوعاً طباعةً حسنةً قد شُكِّلَت الآيات بالحركات تشكيلاً تاماً مطابقاً لما في المصحف المطبوع وبرز الطبع بحروف واضحة على ورق صقيل، وصدرت طبعته الأولى هذا العام 1416هـ (1995م).
حاشية:
(1) المقدمة - ص 10