قبل جيل مضى، نجا البشر من الإبادة النووية، ولا شك أننا سنستمر في تفادي ملاقاة هذا المصير وغيره من الخيارات المرعبة. لكننا غالباً ما نجد أنفسنا نتساءل عما إذا تسببنا، من دون قصد، في زرع السموم في كوكبنا أو في تدميره، بما في ذلك تدمير أنفسنا، إضافة إلى إساءتنا استخدام المياه والتربة إلى درجة انخفض مخزونها بشكل كبير، وتسببنا في زوال آلاف الكائنات الحية التي من المرجح أننا لن نراها مرة أخرى.
وتحذر بعض الأصوات من أن عالمنا يمكن أن يؤول إلى شيء شبيه بعقار فارغ، تعيش فيه الغربان وتسرح الجرذان بين أعشابه الضارة باحثة عن فريسة. ولكن إذا وصل العالم إلى تلك الحال، فما هي المرحلة التي تكون الأشياء قد مرت فيها، والتي قد لا نكون في عداد الأقوياء الناجين منها على الرغم من ذكائنا الذي نتبجح به؟
الكتاب تصور خيالي يعرض فيه (آلان فايسمان) مقاربة عبر طرح أسئلة حول تأثير البشرية في كوكب الأرض، وكيف سيكون شكله بدونها.
يسترسل فايسمان متخيلا كيف أن بنيتنا التحتية الهائلة ستنهار وتختفي في نهاية الأمر في ظل غياب الجنس البشري، ويستعرض الأدوات اليومية التي ستخلد على شكل متحجرات، وكيف أن الأنابيب والأسلاك النحاسية ستسحق وتصبح مجرد عروق في صخور حمراء، وكيف أن بعضاً من أبنيتنا القديمة ربما يكون آخر المعالم المعمارية التي تبقى بعدنا.
يكشف (العالم من دوننا) كيف أن الفيضانات في إنفاق نيويورك ستبدأ، بعد أيام قلائل من اختفاء البشر، بتعرية أساسات المدينة، وكيف أن الغابات الإسفلتية ستفسح المجال، بعد أن تتداعى المدن في العالم، أمام نمو غابات حقيقية.
يقدم الكاتب وصفاً للطرق المميزة لتحول المزارع المعالجة بالمواد الكيميائية والعضوية إلى بريّة، وكيف ستتكاثر المليارات من الطيور، وكيف أن الصراصير في المدن التي تخلّصت من الاحتباس الحراري ستفنى بدوننا. ومن خلال الاستفادة من خبرات المهندسين، والعلماء، والقيّمين على الأعمال الفنيّة، والمختصين بعلم الحيوان والعاملين في منشآت تكرير النفط، وعلماء الأحياء البحرية، والعلماء بالفيزياء الفلكية، والعلماء بأصول الإنسان القديم- الذين يصفون عالم ما قبل البشر وكيف كانت تستوطنه الحيوانات الضخمة مثل حيوانات الكسلان العملاقة التي كانت قاماتها أطول من قامات حيوانات الماموث- يشرح فايسمان عن مناطق خالية من البشر.. آخر قطعة من الغابة الأوروبية البدائية؛ والمنطقة الكورية منزوعة السلاح؛ و(تشيرنوبيل)، وعن قدرة الأرض الهائلة على الشفاء من تلقاء نفسها. معرجا على تلك الأضرار التي تسبب بها الإنسان لكوكبه والتي يتعذر إصلاحها. يقع الكتاب في (357) صفحة من القطع العادي.