في كثير من حالات النقولات المطروحة ليقرؤها الجلة من العباد ليس بذي حيف أن يتركها أو بعضها.. الكثيرون ممن يطلعون بحق وصدق وهم من العلية في سعة الاطلاع ونباهة الفهم وسداد الإدراك الاستقصائي وإن كانوا لا يكتبون أو يشاركون لكنهم والحق أظن أئمة كبار من ذوي الطرح الشخصي المستقل سوف أدلف من باب واسع لعالم لندرك كلنا في هذا (المعجم) حاجة الناس إلى أناس واعين فطنين من ذوي الشعور بالمسؤولية.
وهلموا من هذا الباب الرحب كيف هو واقع: النقل واللغة والنحو على غرار ليس بعده ثمة نكير، ولا يُنبِئكَ به مثل خبير في طرح ممتع قال صاحبه: (وذهب سيبويه إلى خلاف أن: (كأن) ليست للتشبيه).. وحين عدت إلى (الكتاب) لسيبويه وعدت كذلك إلى كثير من النقولات لم أجد أن سيبويه قال هذا.. لأن هذا أصله في زبد القول عند النحويين أن (كأن) للتشبيه فإذاً تحصيل الحاصل أن تفسر الماء بالماء.
فسيبويه لم يُشر إلى هذا لأنه إمام متضلع وهي للتشبيه ولا كلام، و(كأن) ليست للتشبيه لكنها جعلت له أصلاً واحداً وإلا فهي للتأكيد اقرأ ما جاء في الذكر الحكيم: (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ) فهذا تقرير فيه تشبيه باعتبار ما سيكون.
وقال في طرحه كذلك: (وليس في ورود (أنَّ) المشددة المؤكدة ما يقطع بأن تكسر (إن) بعد: قال أو يقول ثم قال وبه قال: (الأكثر) أي أن همزة: (إن) تكسر بعد متصرفات (القول) لا وجه له.
قال ابن لحيدان فعدت جذعة لا ألوي على شيء ولا يمر بي حجر أو شجر أو أمر به إلا لم ألتفت إليه من هول هذا التقرير حتى إنني اتهمت سنيني في القراءة أن فهمي كان ليس بذاك.
لقد عدت إلى عشرات الأسفار وكتب الحديث وهي أم في (النحو) فلم أقف على شيء مما قال صاحب ذلك المقال وكل ما أعلمه ونظرته أن همزة (إن) تكسر بعد المتصرف من القول إلا لعارض صارف وذلك شحيح، وقال أصلح الله فهمه: (وتجديدي للإعراب في النحو أنني أورد ما لم يُعرب فأدل على سبب إعرابه).
لو قال: (فأُضيف إعراباً آخر أو أجتهد رأيي في إعراب جديد) لكان أليق بمقامه وقال: (إن (أَنْ) المخففة من الثقيلة تكون مصدرية كثيراً) لا أدري لعمر الحق أي يراع كتب به على طرس قبل منه الكتابة على ناهض وامض يفوت، لو قال: (إن (ما) ترد مصدرية لصدق لكن المخففة من الثقيلة و(مصدرية كثيراً) هذا ما جعلني ألومه ومن أجازه إلا إن كان على وتيرته وليس إلا (نزول البصرة بليل) فإن مكان هذا فهو مجدد مثله مثل لويس عوض وحنا مينا وسلامة موسى وميخائيل نعيمة وأضرابهم، وحتى ندرك المغبة الطائشة، والعلم الجليل المنتكس حقاً نقرأ إذاً ما يلي من ناقد أُحمله الشرهة كما يقولون وألومه ومن فتح له الباب ليكتب عموده الأسبوعي الطويل جاء عنده: (وفي الحديث: أدبني ربي فأحسن تأديبي) فهو هنا يجزم بقوله (وفي الحديث) لأن هذا جزم في الإيراد وهنا تكمن الخطورة في العلم والأدب والتحليل والنقد فليته سأل قبل التدوين أو ليته استشار قبل الكتابة لأن تجاوز الخط الأحمر فيما يُنشر يجعل الكاتب مهما كان نفسه محل الازدراء.
فالحديث: (ضعيف جداً) بعلة السند ومن يتابع الملاحق والنشرات وبعض المجلات المحكمة يجد صواب أن: (ما يوم حليمة بسر) (بسر) ويشتم نفسه: (من ظن علمه بجزمه)، وتابع بتمعن وتأنٍ وتذوق يجد المرء غيضاً من فيض.
* * *
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5485» ثم أرسلها إلى الكود 82244