- انكسار
ويضحك المساء والأمواج سكرى بحمرة البحر، عاشقة ترانيمه الهانئة في بحر ذاتها، فهي معشوقة لذاته وهي مع أنسام الحياة فإذا تعثرت بما يحد هيامها، تعثرت حياتها وتناثرت أشلاء، و الزبد شاهد على عثرتها.
- عشق
الأنهر لغات، وللبحر لغة، فالأنهر تبقى هائمة في أودية الافتراق، تبقى عاشقة في مرارة البعد الذي تنشد شجنه ما بقيت، هي في هيامها تنشد خليلها البحر، وهو في بسطه ينشد ذاته بها، وكأنه ينشد ذاته منها، فهي ذاهبة إليه وكأنها معشوقة وصاله، وهو ذاهب إليه معها، وفي شوق واحد، وفي حب واحد، وفي وجود واحد، وكأن البحر والأنهر والعشق.. واحد.
- ألم
كنت في صحراء غريبة المراس، ضامرة خشنة الوجه، وما أن نظرتها بعين خشيتي حتى تصورت في كياني، واتخذت من ذاتي واحة لجدبها ومرارتها، فحزنت، وصار الوجود مثلي حزيناً، فأخذت أبحث عن ساقية من ماء تروي ظمأ ذاتي وتغسل عنها حزنها ومرارتها بماء الحياة والأمل، فوجدتها بعد طول عناء، وجدتها بعد سكون الأمل في ذاتي، وبعد معرفة الألم، وجدتها في ذاتي.
- حزن
غريب كيف صار للطبيعة طبع، وكأنه طبع الحياة، ولكني لما سألت الفكر قال: إنها لعبة ثأر، صنعت شباكها الدقيقة بأناملي الرقيقة. ولما سألت الإنسان قال: دعيني أيتها الغريبة، إن الحياة تبكي في كياني، وبقي الوجود في سؤال بائس حزين، يرنو إلى السماء ويقول: إن في عين التاريخ دمعة حزن خجولة، تهبط على وجنتي الشاحبة، فتحزنها وتشقيها، وما أن سألته حزنه! حتى قال بخشوع: دعيني أيتها الغريبة، فقد قضيت التاريخ كله في لعبة ثأر فاشلة. فقلت بالود ملاطفة: علامك أيها الوجود، فأنت بألف خير..؟ أجاب بخاطر مكسور: لا.. بل صاحب اللعبة بألف خير، والحزن بألف خير، لأني رأيت ما يحزن وسمعت ما يحزن وفي لغة الحزن عرفت الحياة.