قال لي أديب كثير الأحلام والأمنيات والمطالب: من المؤكد أن حياة الناس ستتبدل وستصير أروع حياة لو كان الناس قادرين على العيش بغير نوم، فيصبح آنذاك نهارهم للعمل وليلهم كله للتسلية واللهو.
قلت: لو تحقق ما تصبو إليه لانخفضت تواً الرواتب والأجور، وصار النهار للعمل والليل للعمل، وإذا لم ننم، فسنحرم رؤية منامات نهزم فيها أعداء يهزموننا ونحن مستيقظون.
قال: ولو كان فصل الربيع هو الفصل الوحيد لتخلصنا من صقيع الشتاء ولظى الصيف وكآبة الخريف، ولكان اللون الأخضر رفيقاً دائماً لعيوننا وقلوبنا.
قلت: كأنك لا تعلم أية أضرار جسيمة ستصيب تجار الصوف حين يُلغى الشتاء، وكأنك لا تعلم عدد العمال الذين سيصبحون بلا عمل حين تغلق مصانع المايوهات أبوابها احتجاجاً على طرد الصيف، وكأنك لا تدري أن الخريف ملهم الشعراء والفصل الذي ينتظره بلهفة عشاق التسكع في الشوارع، وكأنك تتجاهل أن الناس يعشقون كل ما يحرمون منه، وستسير الملايين في مظاهرات صاخبة تناشد الجيوش القيام بانقلابات تتعهد بإعادة الصيف والشتاء والخريف إلى الكرة الأرضية.
قال: ولو كانت الأشجار لا تثمر فاكهة فقط بل تثمر أيضاً خبزاً ولحماً لما جاع إنسان واحد على وجه الأرض.
قلت: ولكن أمنيتك هذه ستحكم بالجوع على الأحزاب المتاجرة بجوع الجياع.
قال: ولو كان العالم بلا مستبدين لاستراح العباد.
قلت: هذه أمنية لا يتمناها إلا أعداء الشعوب، فالمستبدون هم زينة الحياة الدنيا.
قال: ولو كان الناس لا يتكلمون لكانوا سعداء.
قلت: ولو كانوا لا يسمعون ولا يبصرون لكانوا أكثر سعادة.
