(1)
ربما غداً
أسندت رأسها إلى حافة المقعد، وهي تسترجع ذكريات ملؤها الحب والود كانت بينهما.. أخذتها موجة تفكير حالمة إلى أيام مضت..
تنهدت وهي تهمس لقلبها: آه لو نعود كما كنا! لو تعود تلك الأيام الجميلة!
كنّا نعيش بسعادة قبل أن يصبح كاتباً.. لامعاً.. مشهوراً.. يا إلهي..
نفضت رأسها وهي تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وقررت أنها لا بد أن تناقشه في هذا الأمر.. عزمت أمرها بإصرار هذه المرة..
قائلة: نعم سأحادثه عند عودته مساءً، ولن أسمح له بالتهرب وممارسة فن الإهمال كعادته،
لن نحتمل أكثر، فغيابه طال عني وعن صغيرته، لا بد من حل..
ولعل الأمور تتحسن.. لعل!
وبعد انتظار مغموس بذكريات تأبى الرحيل حتى مع رائحة البصل والبهارات حيث كانت تعد له مائدة عامرة بعشاء شهي لذيذ.. وصل.. رمى بكل ما في يديه على طاولة جانبية في الصالة وتقدم وألقى بنظرة خاطفة إليها..
قائلاً: مساء الخير..
- مساء النور، كيف كان يومك؟
- لا بأس.. لكن.. أشعر بإرهاق شديد..
- العشاء جاهز.. (ابتسمت).. ومميز، سنتناوله معاً، ونتحدث فقد.. اشتقت إليك كثيراً!
- أكلت في المكتب، سآخذ (دشاً) سريعاً وأخلد إلى النوم..
- لكن..
قاطعها: أنا مرهق، تصبحين على خير.
اتجه إلى غرفته وهي تشيعه بنظرة حب حائرة..
همست لنفسها: ربما غداً نتحدث.. ربما غداً..!
(2)
حتى في أحلامي..!
أغمضت عينيها بهدوء محاولة الاستسلام لنوم عميق -أو لعله كذلك- أرادت النوم لنفض ما علق بجسدها من إعياء وتعب..
بنى السكون خيمته بلطف وحنان، تمر اللحظات..
آه مهلاً!
أهذا طيفه يقفز من جديد وينغرس في أقصى الذاكرة؟!
- أنت؟
- نعم، أنا.
- أنت.. (تلعثمت)، أنت تحاصرني!
صمت قليلاً ثم ابتسم وقال:
بل أنتِ من تسافرين إليّ دائماً في أحلامك، فأنا لا أجدك إلا في تلك الزوايا الغافية.