قال أبو سرداح لصديقه: أنت هامش، زبد، حجر على قارعة الطريق، ولولا ما بيننا من دم وصداقة ومشاوير لقرأت عليك شعر الصعاليك وغضب الرجال العابرين من براكين النار وجدران الأسمنت وهزائم الأرومة، لكن سوف أتركك للزمن يضربك على أنفك لتتعلم شروط الحياة والعيش بهدوء وسكينة تحت سقيفة باب الغواص في قريتك الغافية!!
فقال له: لم أفهمك تماماً. هل لديك فكرة؟ أو مشكلة أو أزمة؟ أنت تشتمني بلا داع، إذا كان لديك مشكلة فهي مع غيري بالتأكيد (قيل لي إنك تؤذي الناس بالكلام حباً بالإيذاء) ولكن سأتركك لمن يعلمك شروط الأدب يا ساتر!
أدار أبو سرداح ظهره، وتركني أقضم أعواد العرفج والشيح، أسافر وأنتقل من شيخ إلى مارق أبحث عن مشكلة أبي سريديح التي يغزلها له الشيطان وفي كل مرة أعود كيد خارجة من سدرة صحراوية. وحاولت أن أتعرف على مواقف الناس من سلوك وأفكار هذا المتجي فقيل لي: كل شيء له ثمن باهظ، ولا يستطيع أحد أن يلغي التفكير في اللقمة، وقطرة الماء، والتسكع على الأرصفة، والموت وراء الشمس - في وادي المياه - للبحث عن الذات! ولكن ما هي مشكلة أو مشاكل هذا الرجل الحقيقية؟!
ثلاث سنوات سقطت في نهر الزمن وأبو سرداح لم يعد، وأنفي راعف، وشروط الحياة شجرة طلح عاسية، لا أستطيع أن أرى ذؤابتها دون أن أقف على شكل زاوية منفرجة لا نار، ولا قبيلة، ولا صعاليك، لا فائدة من التذكار، لا يزال صديقي غائباً يبحث عن مشكلة خاصة جداً لا أعرف ماهي؟!
وفي بلد لا يتوقع الإنسان أن يصل إليه إلا بالصدفة فاجأني سريديح في ظروف مرعبة، كان خارجاً من المسجد، وقد طال فيه كل شيء إلا قامته، سألني بلهفة من وجد نفسه: هل لديك قيمة تذكرة سفر؟ هل معك سلف ألف ريال؟!.
قال: نعم، ولكن المشكلة التي تبحث عنها موجودة في كل مكان، والمهم أن تجد الحل. فمثلاً: أنت هنا مثلي وأنا هناك هامش وزبد وحجر على قارعة الطريق.
قال: لم ينتظر صديقي اللدود بقية كلامي. عبر الشارع كالزوبعة، ورحت أجري خلفه بين البنايات الشاهقة وأسناني تصطك من الألم!
*****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5064» ثم أرسلها إلى الكود 82244