لماذا نضع ما يُسمى بالنقد عائقاً أمام إبداعاتنا؟
ولماذا نعيد ونكرر لا يوجد لدينا نقاد؟
وأن الحركة التشكيلية لا يوازيها نقد مؤثر؟
بعض الزملاء يزعجهم كثيراً سماع مثل ذلك.. وأنا بالمقابل أرى أننا لسنا بحاجة إلى طرحه حالياً فهل هذه المقولات الصحفية المتكررة أو المتواصلة تعني بالفعل القول نفسه أم أن الكلام يُؤخذ تحاملاً؟
الحركة التشكيلية هنا في المملكة بدأت بدون نقد وتواصلت باهتمامات صحفية متفرقة وهي الآن تجد ما لا تجده أي حركة تشكيلية في أي قطر عربي من حيث منح الصحافة لها مساحة كبيرة من الصفحات أو الملاحق.
عندما نتتبع صحفنا المحلية فإننا سنجد الاهتمام قد بدأ من أواخر الستينيات ويؤكد الفنان عبد الجبار اليحيا أنه حرر مواد تشكيلية في صحيفة المدينة المنورة لفترة محدودة أواخر الستينيات وكان يقدم بعض المواد الفنية المترجمة وبعض المتابعات الإخبارية.
بعد هذه الفترة كان الملحق الثقافي في صحيفة اليوم يخصص صفحات للمادة التشكيلية أواخر السبعينيات حررها الفنان أحمد المغلوث والراحل عبد العزيز مشري والفنان المصري محمد عرفات ولفترات محدودة ومتقطعة حتى بدايات الثمانينيات عندما كانت الصفحة التشكيلية ضمن ملحق المربد وكنا في اليوم نصدر ملفات دورية (أربع صفحات) في التشكيل على نحو متفرق، ثم تواصلت الصفحات التشكيلية ووصلت إلى صفحتين أواسط الثمانينيات وكنت أشرف عليهما، هنا استقطبنا أسماء عربية عديدة.. وفي صحيفة الجزيرة لم يزل الزميل الفنان محمد المنيف منذ أشرف على هذه الصفحات - منذ أكثر من عقدين - يقوم بدور كبير حيث إن صفحتيه في هذا الملحق وصفحة مماثلة يوم الخميس وكان الفنان سمير الدهام قد أشرف أو حرر لهذه الصحيفة مواد تشكيلية كما كان زملاء آخرون في الرياض التي حرر موادها وأشرف عليها الزميل عبد الرحمن الشاعر وناصر الموسى وربما آخرون.
في صحيفة المدينة المنورة وفي عكاظ وفي الوطن وفي الندوة وفي البلاد وفي الاقتصادية وغيرها كانت الاهتمامات مماثلة والجهود واضحة فمن هذه الصحف ممن لم يزل يواصل الركض في المتابعة والكتابة التشكيلية وهم بالتالي مع العديدين من المشرفين والمحررين يبذلون جهداً كبيراً ليس بالضرورة نقدياً بقدر المتابعة والتواصل مع ما تقدمه الساحة ويبدعه الفنانون. في هذا السياق أذكر الراحلين محمد السليم وعبد الحليم رضوي اللذين كانا يكتبان آراءهما ووجهات نظرهما وكذا توجيههما لما يخدم الفنان وساحته ومن وجهة نظرهما، ثم الزملاء د.محمد الرصيص وأحمد منشي وأحمد فلمبان ونايل ملا وخير الله زربان وصديق واصل وأحمد الدهلاوي وأحمد الغنام وعلي مرزوق ومشعل العمري وعبد العظيم الضامن وبكر شيخون وعلي ناجع وغيرهم، وبعيداً عن مقدار اتفاقنا أو اختلافنا مع ما يكتبه أي منهم إلا أننا أمام جهد يتابع الساحة ويسعى لمواكبة نتاجاتها والواقع أن بعض الكتابات تنقل وجهات النظر.
إن الإشكال - أحياناً - يكمن في تقييمنا بناء على ميولنا وليس بناء على المقدار الفني في اللوحة أو المعرض بمعنى أن النزعة الشخصية قد تؤثر في كتاباتنا بشكل كبير على أن الفن لا يُوجه بهذه الصيغة فالتجرد من الميل الشخصي هو الأهم في الكتابة وهذا لم يتخلص منه حتى بعض المحسوبين على النقد العربي وهو خطأ كبير لان الفن ليس رغبتي أو رغبتك أو ما أحبه وتحبه الفن أشمل وأعم وأعمق وبالتالي فنجاح الكتابة يتوقف على مقدار الحياد من النص الذي نتعامل معه وبناء على وعينا وانفتاحنا.
والساحة التشكيلية السعودية فنانوها بين دارس للفنون أو أحد فروعه وبين مجتهد.. هذا الاجتهاد ولّد طاقة مضاعفة جعلت من بعض أصحاب الدراسات الأقل، أكثر حركة وتواجداً وإبداعاً، لكن العمل الصحفي النقدي لم يخضع معظم ممارسيه للدراسة الفنية أي أنهم لم يتلقوا دراسات نقدية في المجال التشكيلي وبالتالي فإن ما يقدم ليس بالضرورة نقداً، إذا وضعنا للنقد مقاييسه الصارمة، وبالمثل كثير مما يكتبه فنانون عرب في مجلات أو صحف أو منتديات.
*****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7177» ثم أرسلها إلى الكود 82244