لا تنام النفوس المطمئنة إلا على رصيف الوجود رصيف لنوم السائلين الممدودة أياديهم؟ إلى الآخر، رصيف لا أخطار فيه، النفوس المطمئنة نفوس تخشى النظر إلى أتون الوجود لأنها ستصاب بالدوار ولهذا تؤثر الأسفل دائماً مكاناً للإقامة. تغمض عينيها وتصعّر خدها للشمس لاتقاء خير النور، وفي العتمة تقيم متلحفة باليقين المطلق، متوسدة نعيم الجهل.
الأنا القلق يعذبه غروب الشمس ويمضي ليله منتظراً شروقها، يسبح في أعمق أعماق الوجود باحثاً عن السر، عمَره يقضيه باحثاً عن السر، إن أغمض عينيه يوماً فإنه يتلحف بالسؤال وبتوسد الشك.
الأنا القلق خلاّق في الحياة لأنه يكتبها على هواه ولا يتوقف عن الكتابة أبداً لأنه لا يتوقف عن القلق.
لا ليس العدم هو الذي يقلق الأنا الجسور، بل الحياة، الوجود كما يريده لا الوجود الذي يفرض عليه، إنه لا يتوقف عند الزمن المعيش، بل يسير نحو المصير الذي لا يعرفه، الباحث عنه متلهفاً. فمن يعرف مصيره الحتمي لا يقلق على مصير كهذا. الموت لا يقلق إلا الخائفين، الباحث عن مصيره، العامل من أجله هو الذي يعيش في أتون القلق.
القلق طيران من أجل الكشف والاكتشاف، تجاوز المعروف واقتحام المجهول.
القلق حرية التجوال في سراديب الوجود التي لا قناديل فيها والتي يضيئها الأنا بعقله المشع.
القلق نور الوجود، اتقاد العقل الدائم، ولهذا فهو دفء الأنا، وبدونه يصبح الوجود بارداً.
القلق الدائم فرح دائم لأنه تجاوز دائم لذاته، وفي كل لحظة تجاوز لحظة فرح حقيقة.
التجاوز الدائم للقلق عبر القلق انتصار وشعور رائع بالانتصار.
القلق السلاح الأمضى للأنوات الحرة وهي تخوض معركة الوجود.
المحاربون بالقلم، بالعقل، بالقلب، بالسلوك قلقون لأنهم يريدون العالم الأجمل والأبهى والأكثر حرية.
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7307»ثم أرسلها إلى الكود 82244