وقفت بسيارتها الفارهة أمام مدخل الفندق تسابق اثنان لفتح الباب كانا يرتديان ملابس مطرزة كأنها من ألف ليلة وليلة.. دخلت القاعة (كانت عربية) اختارت أن تجلس في الوسط بين الشرق والغرب عن يمينها بيانو خلفه امرأة شقراء ترتدي ثوباً أسود مرصعاً بالكريستال، تعزف مقطوعات أجنبية وعلى الجهة الأخرى جلست فرقة شامية كانوا يعزفون بتناغم على العود والكمان والكمنجة والطبل..
جاء عامل الفندق يحمل بيده مناديل نقش عليها اسم (السلام) وضعها أمامها بعناية وناولها لائحة المشروبات ورحل إلى الطاولة الأخرى.
كانت تلك الموسيقى تتصاعد تقتحم عالمها بفوضى عارمة، وكانت تتجاهلها بلطف.. طلبت عصيراً من العنب وكان الوقت يسير ببطء.. الناس في حالة سكون وهي في حالة قلق.. الموسيقى تتسارع بصخب الفصول الأربعة لفيفالدي تقتحم عالم فيروز الأندلسي تقلبه رأساً على عقب.. رفعت عصير العنب تذوقته وأعادته إلى مكانه.. المنديل أمامها وبقربه قلم أرادت إخراج حواسها من هذه الفوضى، حاولت توجيه سمعها إلى اليمين دون اليسار، وحين عجزت حولته إلى هناك، إلى الشرق وبسرعة عادت إلى الوسط مستسلمة للضجيج.. تناولت كوب عصيرها مرة أخرى أخذت منه رشفة تلتها رشفة ثم ألحقتها برشفة.. أمسكت بالمنديل ضغطت به على فمها امتص بقايا العنب أعادته إلى مكانه لمحت شيئاً ما على المنديل اقتربت منه أكثر رأت (عنقودها) مرسوماً عليه.. التقطت القلم وكتبت (أحبك أكثر من نفسي لا تخيب ظني فيك)..
وقعت باسمها الأول تركت القلم والمنديل ونهضت بعد أن وضعت ثمن العصير وقد كان ثمناً بخساً .....!