الطائف - هلال الثبيتي
لا يخفى على الساحة التشكيلية ما يقدمه نخبة من التشكيليين في الطائف على مستوى المحافظة أو خارجها ولكن غياب الفن التشكيلي عن مهرجان سوق عكاظ التاريخي جعل الكثير من متابعي هذا الفن يتساءلون عن سبب هذا الغياب الذي لم يكن متوقعاً وخصوصاً أن هناك جماعات فنية وفنانين في محافظة الطائف لهم باع طويل في الفن التشكيلي ولهم إسهامات كبيرة ليس على مستوى المحافظة بل على مستوى المملكة.
وحرصاً من الصفحة التشكيلية على معرفة غياب هذا الفن عن مثل هذا الحدث الكبير فقد قام الزميل المبدع هلال الثبيتي بالمساهمة كعادته للحقيبة التشكيلية بكل ما يخدم الفن وفناني الطائف ليطرح هذا التساؤل على اللجان المسئولة وعلى فناني الطائف فتعالوا معنا لنتعرف على أسباب هذا الغياب.
كانت بداية الحديث حول هذا الموقف مع الأستاذ عبد العزيز عسيري مدير فرع جمعية الثقافة والفنون بالطائف ورئيس لجنة الفنون الشعبية بمهرجان سوق عكاظ، عن غياب الفن التشكيلي بسوق عكاظ حيث ذكر (أثناء الاجتماعات التحضيرية لمهرجان سوق عكاظ طلبنا أن تكون اللجنة التشكيلية بالجمعية مسئولة عن النشاط التشكيلي، لكن اعتراض إحدى لجان السوق بدعوى أنها من اختصاصاتها وضمن مسئولياتها مما أدى إلى إسناد المعارض وفعالياتها إلى هذه اللجنة.... وكلّنا في جمعية الثقافة والفنون حريصون على إقامة الفعاليات التشكيلية التي كان لنا رؤية متكاملة لها بالسوق... وللأسف لم نمنح الفرصة لتنفيذها.. والذي زاد الأسف أنه لم يقم معرض تشكيلي، وحرم التشكيليون من مناسبة ثقافية مهمة جداً .....).
أما الفنان التشكيلي فيصل الخديدي مقرر لجنة الفنون التشكيلية بجمعية الطائف والمشرف العام على جماعة تعاكظ التشكيلية فقد تحدث عن هذا الغياب بقوله: (لقد تألمنا كثيراً نحن فناني الطائف بإقصاء الفن التشكيلي عن الفعاليات الأولى لسوق عكاظ التاريخي، فقد كان لنا خطط ورؤى للفعاليات التشكيلية بسوق عكاظ سواء على مستوى الفردي أو على المستوى الرسمي من خلال لجنة الفنون التشكيلية بجمعية الثقافة والفنون، ولكن للأسف لم تجد أذناً صاغية ولا لجاناً تفعيلية لهذه الأفكار، مع أن الحضور التشكيلي في الصيف الفائت كان مميزاً ولافتاً وتجاوزت الفعاليات التشكيلية بالطائف أكثر من خمس عشرة فعالية، ساهمت في إنجاحها أكثر من جهة ثقافية وهي جمعية الثقافة والفنون وجماعة تعاكظ ومركز المناهل، ولم تكد تنتهي هذه الفعاليات حتى انهالت العروض والدعوات فكانت دعوة وتمثيل النحات محمد الثقفي بسوريا في معرض تطويع المعدن بعد نجاح معرضه بصيف الطائف هذا العام، كما أن الدعوات التي تلقاها الفنان فهد القثامي لنقل معرضه الناجح بصيف هذا العام من أكثر من صالة عرض بجدة، وتتوج الموسم التشكيلي الصيفي بمعرض تعاكظ في مركز الملك عبد العزيز التاريخي بالرياض، وفي المقابل يُغيب القائمون على فعاليات سوق عكاظ الفن التشكيلي ولا يستفيدون من إمكانات هؤلاء الفنانين بل يقصوهم ويغيبوهم، وغيرهم من خارج المحافظة بل من خارج المملكة يقدرون هؤلاء الفنانين ويكرمونهم ... فعلاً إنه شيء مؤلم).
كما تحدث الفنان التشكيلي والخطاط ماجد الشنقيطي عن هذا الغياب بقوله: (مما لاشك فيه أن الفعالية التي قامت في سوق عكاظ التاريخي تعد حدثاً فريداً من نوعه عربياً وإن جاز لي القول، أقول (عالمياً) تمثل نجاحه من خلال جهود المسئولين والقائمين على اللجان التحضيرية والتنفيذية، إلا أن غياب الفنون التشكيلية والمعارض التشكيلية عن هذا المهرجان أثار تساؤلات التشكيليين وعتبهم من حيث إغفال هذه الناحية عن الفعاليات، مع أن التطلعات من قبل الفنانين التشكيليين عامة وفناني الطائف خاصة كانت أكبر من ذلك... ولكن آمل الاهتمام بهذا الجانب المهم من جوانب الثقافة المحلية في الأعوام القادمة إن شاء الله.
الفنان حمدان محارب أمين عام جماعة تعاكظ التشكيلية فكانت وجهة فقال: مورس التشكيل على الفن التشكيلي (فمن مارس هذا التجاهل؟؟ هم من أوكل إليهم التنظيم والتنسيق ليكونوا بذلك أوصياء على التشكيل فعقدوا الاجتماعات ووضعوا الاقتراحات وخطط العمل التي أبعد ما تكون لذلك، فارضين آراء وتصورات على الفنانين لصياغة أعمالهم عنهم ليصبحوا أشباه فنانين مطواعين لهذه اللجنة البدائية التي حشت في اجتماعاتها بعض العاميين والأميين كمزارع العنب وصاحبه بائع الخضار جنباً إلى جنب مع التشكيليين في اجتماع ثقافي .... فغاب التشكيل تتويجاً لدور اللجان الخارجة عن الاختصاص والمنبثقة من الاجتهادات الركيكة....).
أما الفنان التشكيلي فهد القثامي فتحدث عن غياب الفن التشكيلي عن فعاليات سوق عكاظ بقوله: (أسباب غياب التشكيل عن سوق عكاظ أسباب كثيرة لا تعد ولا تحصى.. فعدم وجود اعتراف حقيقي من القائمين على المهرجان بأن الفن التشكيلي واجهه حضارية للمجتمع تعكس ثقافته وتطوره.. هو السبب الرئيسي الذي تترامى خلفه الأسباب التالية.. وهي عدم وجود صالة متخصصة ترتقي لعرض الأعمال والتجارب التشكيلية والاكتفاء بخيمة ضيقة أو..تعرض الأعمال في الهواء الطلق أو تحت (عريش العنب) كما يقول بعض المنضمين الذين لا يعون المعنى الحقيقي والقيمة الحقيقية لهذا الفن؟؟.. كما أن التجاهل التام والتهميش للجماعات التشكيلية بالطائف التي كان ومازال لها الدور الفعال والريادي في ازدهار الساحة التشكيلية واذكر تعاكظ التي اشتق منها اسم سوق عكاظ همشت بالكامل.. وكأنها لا تنتسب لسوق عكاظ ولم تكن يوماً؟؟).
النحات محمد الثقفي عضو لجنة الفنون التشكيلية بجمعية الثقافة والفنون تحدث عن غياب التشكيل عن سوق عكاظ قائلاً (للأسف أن الفن التشكيلي غاب هذا العام عن سوق عكاظ بسبب غياب الوعي التشكيلي لدى اللجنة المكلفة بالمعارض، والتي كانت إحدى مقترحاتها على حسب ما ذكر لنا في بداية الأمر أنها إذا أرادت أن تعمل شيئاً للعرض فسيكون في عريش عنب... وهو شيء مضحك ومؤلم في نفس الوقت، والحمد لله أن التشكيل غاب عن سوق عكاظ وفق الآلية التي كان سيعمل بها، فإن تغيب خير من أن تظهر بشكل مُخل ومضحك، فالأمر أكبر من عرض أعمال بسوق عكاظ وإنما هي استشعار قضيه ثقافية تحتاج إلى حضور قوي وفعال ومؤثر ليس على المستوى المحلي بل العربي، وإلا الغياب أفضل عن مثل هذه المستويات البدائية المشينة).
أما الفنانة تركية الثبيتي عضوة اللجنة النسائية بنادي الطائف الثقافي الأدبي فتحدثت عن هذا الغياب بقولها: (الحقيقة أننا بذلنا جهدا كبيراً في سبيل إيجاد مساحة خاصة للفن التشكيلي بالمهرجان خاصة أنه في انطلاقته الأولى بعد أزمنة مديدة من الغياب وتركيز الضوء على التشكيل في هذه الانطلاقة كان سيحسب لصالح المنفذين ويعكس وعيهم بثقافة التشكيل التي كانت ولا زالت تنحسر للأسف في أفق التشكيليين باعتبارهم المعنيين به وحدهم. ومن خلال إيماننا كتشكيليين بأنه أحد أهم روافد الثقافة المعاصرة وتقديمه بما يليق به تقدمت جماعة الفن التشكيلي بالنادي الأدبي بالطائف ببرنامج متكامل للمسئولين عن المهرجان بيد أنهم لم يتمكنوا من تنفيذه لاعتبارات عديدة ربما كان لخوضهم التجربة للمرة الأولى نصيب الأسد ولحصر المهرجان في مفهوم الشعر والأدب والحرف الشعبية ناهيك أن ما رصد لتنفيذ البرنامج اعتبره المنفذين أكبر من قدراتهم المادية ولأن المهرجان كان قائماً على كاهل ثلاث سيدات واجهن الكثير في سبيل بعث المهرجان للحياة من جديد نتطلع خلال العام القادم بإذن الله فرض مساحة خاصة بالفن التشكيلي تقدمه على النحو الذي يعكس نهضته وخطوات نمائه وازدهاره).
الجانب الآخر من القضية
وحرصاً منّا على أن يكون الموضوع محققاً للهدف المرجو منه وبعيداً عن إثارة الخلافات فقد عرضنا الموضوع على القيمين على المهرجان فجاءت إجاباتهم كالتالي:
يقول الدكتور عايض الزهراني المنسق العام للجان سوق عكاظ التاريخي الأول: جميع القائمين على مهرجان سوق عكاظ التاريخي أخذوا جميع التصورات والآراء والمقترحات من قبل لجنة استشارية عليا أصحاب خبرة وتجربة في جميع المجالات الثقافية والتاريخية والفنية. فوجد أن القلب النابض لجسد سوق عكاظ التاريخي الأمسيات الشعرية وما صاحبها من أمسيات نقدية في مجال التراث والفكر والأدب ولم تغيب الفنون الأخرى عن سوق عكاظ بل ساهمت في تفعيل السوق وخصصت هناك أماكن للحرف والمهن بالإضافة إلى وجود عدد من الخيام الثقافية كل هذا ساهم فيها كثير من المبدعين في مجال التصوير الضوئي وقد أسندت الفعاليات الفنية لمدير جمعية الثقافة والفنون بالطائف وتم تكليف الفنان عبده ياسين بإقامة معرض للفنون التشكيلية للفنانين التشكيليين يساهم في إبراز مكانية سوق عكاظ التاريخية. ولكن لظروف أخرى منعت إقامة مثل هذا النشاط التشكيلي. وأتمنى أن يكون حاضرا في الأعوام القادمة وليستعد الفنانون التشكيليون لإبراز صور عكاظ التاريخية والفنية من خلال أناملهم ورسم تجسيد الصور الفنية الموجودة في المعلقات.
ويضيف الأستاذ أنس سندي رئيس لجنة التراث وشئون المعارض بسوق عكاظ التاريخي الأول فقال: قمت بطرح موضوع من قبلي وهو التوثيق لكل معالم سوق عكاظ التاريخي بأنامل الفن التشكيلي بما أن سوق عكاظ منبر ثقافي وكنت أتمنى أن نجد معرضاً مميزاً يحتضن كل المعالم التاريخية وتوثيق تلك المعالم التاريخية.
وأكد أن معالي محافظ الطائف كان يقف بكل قوة خلف إقامة المعرض وتم تكليف جنود لا عدد لهم للقيام بهذه المهمة وقد خصصت مساحة تقدر بـ(3520م) في قلب مهرجان سوق عكاظ وخصص معالي محافظ الطائف ميزانية مفتوحة لهذا المعرض وأضاف: بعد ذلك اتصلت بإخوان لهم باع في مثل هذه الأمور من جامعات وكليات ومدارس وجمعيات من هنا وهناك وتم الاجتماع بهم خمسة اجتماعات كان آخرها في مدرسة دار التوحيد ومن خلال هذا الاجتماع تم مناقشة العديد من الأمور المتعلقة بالمعرض ومن ضمن ذلك تخصيص جائزة سوق عكاظ لأفضل ثلاث لوحات باسم معالي محافظ الطائف الذي أبى إلا أن تكون باسم أمير المنطقة. ولكن وجدت أن هناك مجموعات للفن التشكيلي أقدر اسميها مجموعات ضدية يتهم بعضها البعض لا تجمعهم ألفة وأن كل مجموعة تريد أن تقيم المجموعة الأخرى وقلت لهم يا أبناء الطائف إلى متى أرض الطائف أرض الإبداع مرزابها يصب خارج الطائف. رغم أن محافظ الطائف كان حريصاً على الفن التشكيلي في الطائف وقد جهز قاعة متكاملة في قصر شبرا التاريخي لمن أراد أن يقيم معرضاً بتكلفة بلغت أكثر من 66 ألف ريال.
وقال: لقد صدمت بلغة الأنا التي كانت بين فناني الطائف التي أثرت على مسيرة الفن التشكيلي في محافظة الطائف ومن هنا أقول إن المسئولية في هذا الغياب تقع على فناني الطائف وللأمانة أقول لقد وجدت تفاهماً وتعاوناً كبيرين من الفنان شوكت شاه والفنان ماجد الشنقيطي.