حوار - أحمد العجلان:
حين يكون الحديث عن مركز الظهير الأيمن فلا يمكن أن يغيب اسم محمد البريك كنجم سعودي دولي.. حقق مع المنتخب والهلال كل ما يتمناه لاعب كرة القدم، فقد مثل الأخضر في المونديال وتألق وحقق مع الهلال كل البطولات وشارك في مونديال الأندية في ثلاث بطولات وتسيد مع فريقه الكبير زعامة القارة بالبطولات.. البريك لديه تجربة مثلى لأي لاعب ينشد النجاح والتألق، فهو مثال للتحدي والمثابرة والإنجاز.. في هذا اللقاء تحدث لـ(الجزيرة) عن مسيرته وحاضره ومستقبله.. فماذا يقول:
*حدثنا عن بدايتك حتى وصولك للهلال؟
- بدأت رحلتي مع كرة القدم من الحواري وبشكل تدريجي حاولت الانضمام لنادي الهلال لأكثر من مرة، ولكن لم يحالفني التوفيق، لذا خضت عديدا من التجارب في فريقي الشباب والنصر ولكن لم تكن التجارب كافية لإثبات نفسك وتقديم موهبتك.. أن تظهر موهبتك بين 200 - 300 لاعب في دقائق معدودة يكاد يكون شيئا مستحيلا..
لكني شاركت في إحدى بطولات الحواري في دورة رمضانية وحصلت بها على جائزة أفضل لاعب وسط حضور عديد من المدربين السعوديين وحصلت خلالها على إشادات كبيرة من عديد من المدربين، وبعد هذه البطولة تواصل معي فهد الجمعان مدير الكرة بنادي الشباب في فئة الناشئين (الأولمبي) وهو أحد أقاربي، وعرض علي التدريب مع الفريق وخضت تجربة جيدة مع الفريق وعرض علي الاستمرار مع الفريق.
وبعد فترة عرض علي ابن عمي فهد الانتقال للهلال وأخبرني أنه يتواصل مع إدارة النادي للانضمام للفريق وكمشجع وعاشق للهلال رحبت بالانضمام للفريق. وبعدها تواصل معي فهد المفرج مدير الكرة في الفريق الأولمبي وأبلغني بموعد أول تدريب لي مع فريق الناشئين لتجربتي واختباري مع الفريق.
وخلال فترة التجربة كنت أقدم أداء جيدا وأتدرب بشكل جيد ورغم تعرضي للإصابة بكسر في المفصل في ذلك الوقت لكن الفريق تعامل معي باحترافية واهتمام كبير وخضعت معهم لفترة العلاج حتى التعافي من الإصابة.
بنهاية الموسم، بدأت بالمشاركة مع الفريق، وحققنا بطولة الدوري في فئة الفريق الأولمبي في الموسم التالي. وتدرجت في المستويات حتى وصلت للمشاركة مع الفريق الأول.
*بعد تصعيدك للفريق الأول للهلال ذهبت للإعارة للرائد وبعدها العودة والمشاركة بشكل أساسي.. هل شعرت حينها بالشك أنك غير مناسب للهلال؟
- كنت أعلم أن الفرصة في الهلال صعبة وكل مركز به نجوم وأحيانا عدة نجوم، ولكن لم يكن لدي أي شك في أن الفرصة قادمة رغم تواجد عديد من الأسماء المميزة في مركزي (الظهير الأيمن) وكنت صغيرا حينها فتكاد تكون فرصة المشاركة مستحيلة لذا حينما جاءت الإعارة فضلت الخروج لاكتساب خبرة المشاركة وإبراز قدراتي، ووفقت خلال فترتي مع الرائد وكنت أود الاستمرار مع الفريق، ولكن الهلال تواصل معي بشأن عودتي ورغبة المدرب في بقائي وتجديد عقدي الذي كان يقترب من النهاية، وجاءني عديد من العروض حينها وبعد مشاورة مع الوالد فضلنا البقاء في الهلال.
وبعد العودة والمشاركة في المعسكر شعرت أن الوضع مختلف والمدرب جورجوس دونيس له رغبة في إشراكي، وقبل مباراة النهائي أمام النصر بنحو أسبوع أخبرني أنني سأشارك بشكل أساسي في اللقاء وبعدها علمت أنه كان يتواصل مع الإدارة بشأن عودتي أثناء فترة تواجدي في الرائد.
ورغم أنها كانت فترة صعبة خاصة في ظل وجود لاعبين جدد مثلي وخالد الكعبي وإدواردو وألميدو ولكن وفقنا في هذه المباراة وكانت الانطلاقة ببطولة السوبر من لندن ومن أمام النصر.
* الهلال مر بصعوبات في دوري أبطال آسيا وتعرضتم للكثير من النقد.. كيف تعاملت مع ذلك؟
بالنسبة لي، في كرة القدم الضغوطات والنقد يولدان القوة عكس الكثير من الناس لا يحبون النقد ولا يتقبلونه، ويجب عليك كلاعب كرة قدم أن تحول هذا النقد لقوة، وكلنا مررنا بانتقادات وسخرية، ولكن كان ذلك سببا في تكوين فريق ومجموعة قوية في الهلال حملت كأس آسيا خاصة بعد المرور بتجارب صعبة في 2014، 2015 و2017، كنا الأفضل ولكن كان هناك شيء ينقص الفريق وهو التوفيق، ولكن هذا أسهم في تطوير الفريق على مستوى الأشخاص والفريق.
في 2019 رغم الصعوبات والأجواء والضغوطات وتكرار السيناريو بمواجهة نفس الفريق الذي هزمك من قبل، ولكن كان لدينا الثقة أننا سنتوج باللقب وحينها اجتمع بنا قائد الفريق محمد الشلهوب ودائما كان يحدثنا على اللعب بروح الفريق الواحد، وأننا سنحقق اللقب، وقتها علمت أننا سنفوز بالبطولة. كنا نفتقد اللعب الجماعي في النسخ السابقة، ولكن الأمر تغير في نسخة 2019.
* نيوم مرحلة جديدة في مسيرة محمد البريك ولكن تعد في وقت مبكر نسبيا خاصة أنك بعمر صغير كان بإمكانك استكمال مسيرتك في دوري روشن.. لماذا فضلت الانتقال لدرجة أقل؟
- مشاركتي في آخر فترة لي مع الهلال على مستوى آخر سنة لم تكن بشكل مستمر بشكل أساسي، والوضع يكون صعبا أن تتحول من لاعب أساسي للاعب بديل، وكان قراراً صعباً أن أترك عائلتي الثانية في نادي الهلال، وتواصل معي مسؤولو نادي نيوم وشرحوا لي المشروع بشكل كامل على مستوى الخطة المستقبلية لذا فضلت خوض هذه التجربة، وأتمنى أن يكون نيوم بوابة عودتي للمشاركة بشكل أساسي مع المنتخب السعودي ولعب كأس العالم 2026.
*دائما خروج اللاعبين من الهلال بالتحديد يكون صعبا على الجمهور، وخروج محمد البريك كان كذلك للجمهور الهلالي.. كيف تعاملت مع هذا الأمر؟
- بالنسبة لي كان صعبا الخروج من عائلتي الثانية فريق الهلال، ولكن في الوقت نفسه كنت أشعر بالفخر أنني تركت أثرا مع الفريق والجمهور وما زال يذكرني عكس أن تخرج من الفريق وسط حالة غضب أو كره من الجمهور، وخرجت من الهلال بصورة جيدة.
*هل تحدث معك جورجي جيسوس وقت رحيلك عن الفريق؟
- بالفعل تحدث معي وقال لي إنه يحتاج لي في الفريق وحاول أن يقنعني بالتراجع عن قراري، ولكن في الوقت نفسه نصحني بالنظر في مصلحتي الشخصية إذا كانت بالبقاء في الهلال أو الرحيل، بعدها استخرت وتشاورت مع المقربين واستقررت في النهاية بالانتقال لنيوم.
*هل غضبت من أن تكون جزءا من صفقة انتقال متعب الحربي للهلال مقابل انتقالك للشباب؟
- النادي لم يفاوضني في الانتقال للشباب وترك لي الأمر والاختيار، بل تفاوضت معي حينها إدارة الهلال حول تجديد عقدي مع الفريق وأخبرتهم أن لدي عروضا وكان هناك بعض الصعوبات في رحيلي عن الفريق وأسهم فهد المفرج في خروجي وتسيير الأمور وفي النهاية إدارة الفريق قدرت موقفي وسمحوا لي بالخروج، وأتمنى لمتعب الحربي التوفيق مع الهلال.
*رأيك في فهد المفرج إداريا؟
- العمل الذي يقدمه في الهلال يتحدث عنه، أسهم مع الهلال في تحقيق عديد من الإنجازات، وهو إداري مميز وأتمنى له التوفيق.
* هل صار بينك وبين فهد المفرج أي موقف صعب، شعرت حينها أنه يضغط عليك وتفهمت الأمر بعدها؟
- بالعكس فهد واحد من أكثر من دعمني في مسيرتي في كل المراحل بدءا من الفريق الأولمبي تحت تصعيدي للفريق الأول، وساعدني بشكل كبير في كل حالاتي ومستوياتي مثل أبي ودعمني في كل الأوقات.
*مسيرتك في الهلال حافلة وتدربت مع عديد من المدربين.. من أبرزهم؟ ومن أكثر مدرب طورك على المستوى الشخصي؟
- هناك عديد من المدربين المميزين الذين مروا على فريق الهلال وكلهم أسماء كبيرة ولكن من أبرز المدربين الذي عملت معهم، الألماني رينارد ستامب في الفريق الأولمبي هو من أبرز من أسهم في تغيير تفكيرنا كلاعبين وطور من أسلوبنا بشكل كبير، وعمل معنا بشكل كبير على الجانب الانضباطي داخل وخارج الملعب.
*خلال فترة جارديم كان لديكم عديد من العناصر المهارية، هل طريقة جارديم لم تناسبكم؟
- بالعكس، خلال فترة جارديم تصدرنا الدوري وتوجنا بآسيا والسوبر ولكن كما قلت الإدارة هي من تقيم الأداء والعمل داخل الملعب والأسلوب الذي يناسب الفريق وهم من اتخذوا القرار بأن طريقة جارديم لا تتناسب مع الهلال، ولا يمكن لأي لاعب التعليق على أسلوب فني لمدرب أو يطلب تغييره أو أنه لا يصلح للهلال، اللاعب هو لاعب فقط وله دوره ويحاسب عليه.
*أنت شاركت مع الهلال في أكثر من نسخة كأس عالم.. كيف عشت هذه الأجواء كلاعب؟
- الأجواء في كأس العالم مختلفة لأنك تواجه فرقا بأنماط وطرق لعب مختلفة إضافة إلى أنك تواجه أفضل اللاعبين في العالم، حتى على مستوى المنتخب والمشاركة في كأس العالم للمنتخبات هي أجواء كرة قدم فعلية. تلعب بأريحية وسط أجواء حماسية رائعة من الجمهور عكس البطولات المحلية التي تكون مليئة بالضغوطات لتحقيق اللقب، وكان هدفنا كفريق الهلال التتويج باللقب ليس فقط المشاركة خلال كل النسخ التي شاركنا بها لأن كما قلت أن تلعب بأريحية لذا كنا دائما نسعى للأفضل، لعبنا مباراة جيدة أمام ريال مدريد في النهائي ولكن لم يحالفنا التوفيق، وكان هذا دافعا للفريق أن يقدم الأفضل في النسخة القادمة.
*كيف ترى نفسك بعد كرة القدم؟
- في البداية، أريد أن أختم مسيرتي بشكل سليم وبعدها أفكر في المستقبل ربما أصبح إداريا أو مدربا أو في مجال آخر، ولكن تركيزي على الفترة الحالية كلاعب كرة.
*واحدة من أفضل أداءاتك في مسيرتك كانت أمام منتخب مصر في كأس العالم 2018، حدثنا عن هذه المباراة؟
- كنا مطالبين أن نحقق نتائج جيدة خلال كأس العالم في روسيا 2018 ونتأهل لما بعد دور المجموعات وحصلنا على دعم كبير من المسؤولين في الدولة الذين وفروا لنا كل الإمكانات. لعبنا مباراة سيئة أمام روسيا في افتتاحية البطولة، وبعدها لعبنا مباراة قوية أمام أوروجواي بنجومهم وكنا نستحق على الأقل التعادل في تلك المباراة، ولكن لم يحالفنا التوفيق، لذا كنا مطالبين بتحقيق نتيجة إيجابية بأي شكل وقدمنا كل ما لدينا خلال اللقاء، استقبلنا هدفا في البداية وأهدرنا ركلة جزاء وكانت مباراة مليئة بالأحداث وجاءني شعور أننا سنفوز باللقاء لأننا كنا مسيطرين على اللقاء حتى تعادلنا عن طريق ركلة جزاء، وكرة القدم تعتمد على التفاصيل قاتلنا على كل الفرص وسط تألق عصام الحضري وهو اسم كبير في حراسة المرمى، ولكن كان ختامها مسك بتحقيق الفوز في اللحظة الأخيرة وحققنا ذلك الفوز التاريخي بهدف الانتصار من سالم الدوسري.
أخيراً..
لا يوجد كلمات تصف دعم الجماهير وحتى المنتقدين أشكرهم لأنهم أسهموا في تطويرنا وأصبحنا أفضل وجزءا من تاريخ الهلال.. وأتمنى أن أكون على قدر ثقة الجمهور دائما ويسامحوني إذا قصرت في بعض الأوقات.