مؤتمر الكويت للفن المعاصر واتحاد التشكيلين العرب

طالما قرأت عن التجمعات المدنية المختصة بالفنون البصرية والنقابات أو الجمعيات في عالمنا العربي وتفحصت مبادئها وقيمها فوجدت السواد الأعظم منها - إن لم يكن جلها- باستثناء نقطة في بحر لا تؤمن بأن الحرية هي وقود المبدعين أي الفنانين، فكانت تتراوح بين الحفاظ على التراث ودعم الحراك التشكيلي بإطار ضيق لا يتخطى دائرة بسيطة محصورة بإقليم جغرافي فقط.

باختصار الاتحاد العام للتشكيلين العرب هذا الكيان الاتحادي الذي ولد عام 1971م بأفكار وسواعد أناس يؤمنون بالحرية قبل إيمانهم بألوان لوحاتهم، وما لبث هذا الاتحاد في الاستقرار إلا وقد أخذه المد والجزر بين أنظمة لا تؤمن بالفن التشكيلي كقيمة ثقافية فاعلة، فما بالك بمعاداتها لقيم الحرية التي يرتكز عليها الاتحاد حتى قدم الغزو الأمريكي على بغداد عام 2003م وهي العاصمة التي احتوت مقر الاتحاد فنهبت لوحاته ودمر مقره.

إلى أن أتى الوقت قبل عدة أسابيع وتبنت دولة الكويت الشقيقة ممثلة بالجمعية الكويتية للفنون التشكيلية بعقد مؤتمر لتأسيس اتحاد التشكيليين العرب بقالب جديد ولكوني أحد المدعوين لهذا المؤتمر، وكنت أرصد الحدث من قلبه، فقد كانت مبادرة يُشكر عليها الإخوان في الكويت ولكن يشوبها شائبة فقد كانت اللائحة الأساسية للاتحاد السابق في بغداد تهتم بالأفراد كتشكيليين ولا تهتم بالتكتلات الفنية مثل الجمعيات أو النقابات وهذا المأخذ الوحيد على ما يسمى سابقا الاتحاد العام للتشكيليين العرب، أما اللائحة التي نوقشت بين ردهات المؤتمر المنعقد بالكويت عكس ذلك أي أنها تهتم بالهيئات أو التكتلات التشكيلية وتهمش الفنان التشكيلي وهو الارتكازة الفعلية التي تقوم عليها التجمعات التشكيلية أي لا يحق لأي تشكيلي في الوطن العربي الانضمام لهذا الاتحاد إلا بعد انضمامه للجمعيات أو النقابات بالدولة التي ينتمي إليها وإذا سلمنا باللائحة الكويت فقد نخسر الكثير من التشكيليين الذين هم بالأساس لا ينتمون للجمعيات أو التكتلات في دولهم لأسباب قد تكون سياسية من هذا التجمع أو ذاك أو غيره من الأسباب.

فلتكن نظرتنا أوسع وأرحب من أن تضيق حول دوائر تخنقنا هنا وهناك لماذا لا يكون الاتحاد يحتوي التكتلات والهيئات والأفراد معا فيكون الرئيس للاتحاد من رؤساء الهيئات أو الجمعيات ونائب الرئيس من التشكيلين الأفراد، نكون بذلك منحنا كل صاحب حق حقه واحتوينا الجميع ونتجاوز كل المعوقات ويكون اتحاد التشكيلين العرب فعلا اسما على مسمى ولا يكون اتحادا من باب الهرطقة ليس إلا.