إننا أمام مرحلة أو منعطف مهم في الحراك التشكيلي السعودي؛ فالذي كان بالأمس يحوم بين براويز اللوحة فقط ليرسم لنا جدارا هنا او نخلة هناك، فقد أصبح الآن يكسر كل برواز يؤطر أفكاره ويقفز على المحظور ويحاكي للجمهور مشاهد واقعه المر هي لوحة القاصرات نموذج خالص لهذا الخطاب الجميل الذي نتوق له؛ فالسواد الأعظم من التشكيليين يؤمنون بفلسفة الفن للفن..
... التي انعكست تلقائياً على منجزهم الفني مما أدى إلى خطاب هزيل وغير متزن في كثير من الأحيان.. وإن فلسفة «الفن المبدأ والقضية» لا تجد لها حيزا من المنجز الفني الذي يرتكز عليه الخطاب التشكيلي السليم.
لوحة القاصرات للأستاذة الفنانة خلفة الشمري تضعنا أمام مسؤولية المراقب الذي ينظر بشيء من الحيادية لتلك اللوحة التقليدية وهذه التي تثير ردود الأفعال بإزالة الغبار عن الصمت القابع بين ثنايا هموم الإنسان هي لوحة تخلق نوعا من الامتزاج بين لب القضية ونسق اللوحة.
هذا النوع من العلاقة قلما نراه بالمشهد التشكيلي السعودي فقد أجادت الشمري معادلة فريدة بالمنجز التشكيلي يكون ضمن أبعاد أفقية للقضية بألوان مشحونة بموجات وتراكمات اجتماعية ليكون للتشكيل خطاب واضح ومباشر للقارئ والناقد معاً أي أن المتلقي للوحة القاصرات سواء كان متخصص من النقاد أو كان عابراً من العابرين بين ألوانها فهو يتسمر أمامها ليس بإرادته بل من فكرتها وصعق موجات ألوانها رؤوس الاستشعار لديهم فقضية القاصرات هي تزويج طفلة صغيرو لم تبلغ سن الرشد قد يتزوجها من هو أكبر منها، وقد يكون حقبة أسلافها في كثير من الأحيان متقنعا بعباءة الدين الذي هو براء منها حتى يبعثون.
لم تخفي التشكيلية الشمري امتعاضها وسخطها لهؤلاء المتلاعبين بالدين وفضحهم بسيلان لعابهم الجنسية وانبعاجاتهم الفسيولوجية بلوحاتها التشكيلية فجسدت تلك الطفلة البريئة منكسرة على ذاتها متقوقعة على جسدها تشتكي حالها لحالها، وكان حالها يقول أين الممات مني من هذه الحياة بوقوف ذلك المتربص بها عتيق الأيام بنظارات يملؤها الرغبة بالانقضاض على فريسة لا حول لها ولا قوة؛ فهو أشبه بذلك النابح، أعزكم الله، الذي تحركه غرائزه الحيوانية دون اكتراث بكل شعائر الدنيا.