مع إعلان الشركات المدرجة في السوق الماليَّة السعوديَّة عن نتائجها الماليَّة الفصلية للربع الثالث من هذا العام، فاجأتنا شركة التعدين العربيَّة السعوديَّة «معادن» بإعلانها عن نتائج ماليَّة قوية جدًا فاقت كثيرًا توقعات جميع الشركات الاستثمارية، حيث حققت الشركة صافي أرباح فصلية بلغت 1.43 مليار ريال مقارنة مع 41 مليون ريال فقط للربع السابق من نفس العام (بنسبة نموٍّ أكثر من 3.300 بالمئة) ومقارنة مع 311 مليون ريال للربع الثالث من العام الماضي (بنسبة نموٍّ أكثر من 360 بالمئة) وهي بالتأكيد نسب نمو كبيرة جدًا، إلا أن الغريب أن سهم الشركة في السوق لم يتفاعل مع هذه النتائج إطلاقًا وهذا يجعلنا نتساءل: لماذا لم يتفاعل السهم مع هذه النتائج القوية جدًا؟
عندما ندقق في هذه النتائج، سنجد أن شركة معادن كانت قد وقعت عقدًا في شهر أغسطس الماضي مع كل من شركة موازييك وشركة سابك لتطوير مجمع متكامل لإنتاج الفوسفات ضمن مشروع الملك عبد الله لتطوير مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية بتكلفة تقديرية تبلغ نحو 26 مليار ريال، ثمَّ قامت في هذا الفصل بتسجيل إيرادات بقيمة 1.44 مليار ريال ضمن قائمة الدخل تمثِّل استحقاقات تعاقدية على شركائها تَمَّ سداد نصف قيمتها الآن بينما تتوقع شركة معادن من شركائها سداد النصف الآخر منتصف عام 2016م، المهم هنا أن تسجيل الإيرادات تَمَّ بأثر رجعي بسبب بدء المشروع قبل توقيع الاتفاقية بسنوات والأهم هو انخفاض حصة شركة معادن في المجمع من 100 بالمئة إلى 60 بالمئة!!
من جانب آخر، عندما نقارن قيمة الإيرادات التي تسجيلها في هذا الفصل التي بلغت 1.44 مليار ريال مع صافي الربح المحقق بقيمة 1.43 مليار ريال سنجد وبكل بساطة أننا لو استثنينا هذه الإيرادات من النتائج الماليَّة لحققت الشركة صافي خسائر من عملياتها التشغيلية الأخرى، وهذا بالتأكيد أمر محبط لمساهمي الشركة الذين كان يحدوهم أمل كبير في تحسن الأرباح خلال الفصل الثالث من هذا العام مقارنة مع الفصل الثاني في ظلِّ التحسن النسبي لأسعار الذهب والمعادن الصناعيَّة، ويبدو أن هذه الاتفاقية ستسبب لهم مزيد من الإحباط إلى أن يكتمل هذا المشروع نهاية عام 2016م أو أن تنجح الشركة في تحقيق إيرادات من عمليات أخرى تنسيهم ولو مؤقتًا ما حدث وسيحدث لهم.
وبذلك يكون تفسير «ظاهرة» عدم تفاعل سهم شركة معادن مع نتائجها الفصلية القوية جدًا هو أن مساهمي الشركة والمستثمرين عمومًا في السوق الماليَّة السعوديَّة نظروا إلى هذه الإيرادات والاتفاقية المرتبطة بها بنظرة «الجمود» و»الترقب» انتظارًا لما ستسفر عنه هذه الشراكة مستقبلاً وهذا بلا شكَّ يستلزم الانتظار لعدة سنوات، بينما واقع النتائج الماليَّة على الأرض يشير إلى تحقيق صافي خسائر من نشاطاتها الأخرى، وتكون المحصلة النهائية أن استقرار سعر السهم وثباته قرب مستوى 28 ريالاً منذ إعلان النتائج الماليَّة وحتى الآن هو إنجاز إيجابيّ على المدى القصير مع الأسف الشديد!