تظهر القوائم المالية لشركة سابك في نهاية النصف الأول من هذا العام أن رصيد النقدية وما يعادلها بلغ نحو 52,7 مليار ريال بينما بلغ رصيد الاستثمارات قصيرة الأجل نحو 9,2 مليار ريال أي أن الشركة تحتفظ الآن بأصول على شكل نقدية وشبه نقدية بقيمة 61,9 مليار ريال وهذا بالتأكيد رقم كبير جداً،
وفي الحقيقة المتابع للقوائم المالية لشركة سابك في السنوات الأخيرة سيلحظ أن الشركة تحتفظ دائماً بأرصدة ضخمة على شكل نقدية أو شبه نقدية بحيث لا تنخفض هذه الأرصدة عن 50 مليار ريال كما لو أنه هدفاً إستراتيجياً تسعى الشركة إلى تحقيقه!
تكمن المشكلة في أن هذه الأرصدة إما أنها لا تدر دخلاً أو أنها تدر دخلاً متواضعاً يقل في المتوسط عن 1 بالمائة سنوياً، بينما نجد أن العائد على أصول الشركة يزيد في المتوسط عن 7 بالمائة سنوياً مما يوضح لنا ضياع فرص ذهبية لتعظيم العائد فيما لو استثمرت الشركة أرصدة النقدية وشبه النقدية في نشاطاتها الرئيسية طوال السنوات الماضية، وتتعقد الأمور عندما نعلم أن على الشركة الآن مديونية إجمالية تبلغ نحو 81 مليار ريال تدفع عليها الشركة مصاريف تمويلية بنسبة تزيد في المتوسط عن 2 بالمائة سنوياً مما يوضح لنا أيضاً ضياع فرص ذهبية لتخفيض النفقات فيما لو سددت الشركة بعض مديونياتها من أرصدة النقدية التي لا ندري ماذا تفعل الشركة بها حتى يومنا هذا.
في نفس السياق، قامت شركة سابك مؤخراً بإصدار سندات دولية مقومة بالدولار الأمريكي بقيمة 1 مليار دولار من خلال شركتها الاستثمارية المسجلة في هولندا، إلا أن الغريب أن الهدف من هذا الإصدار هو لجمع أموال جديدة لتسديد مديونيات تستحق الدفع قريباً وهنا اسمحوا لي أن أضع أكثر من علامة تعجب على أسلوب الشركة العملاقة في اتخاذ القرارات المالية! آخذين في الاعتبار أن الشركة كانت في الأساس قد اتخذت قراراً خاطئاً في مديونيتها التي تستحق الدفع حين أصرت في نوفمبر 2008م على إصدار سندات مقومة باليورو تستحق الدفع في نوفمبر 2013م بنسبة عمولة «ثابتة» عند 4,5 بالمائة سنوياً على الرغم من توجه البنوك المركزية حينها نحو تخفيض كبير في أسعار الفائدة.
والأكثر غرابة أن الإصدار الجديد من السندات تم تسعيره عند 135 نقطة أساس فوق نسبة العائد على السندات الحكومية الأمريكية لخمس سنوات مما يدل على أن التكلفة المتوقعة لهذه السندات الجديدة ستكون قرب 2,75 بالمائة سنوياً وهو ما يزيد عن متوسط نسبة المصاريف التمويلية التي تتحملها الشركة حالياً والبالغة نحو 2 بالمائة سنوياً، بينما لا تزال الشركة تصر على الاحتفاظ بأرصدة ضخمة جداً من النقدية أو شبه النقدية في حين لا هي التي تحقق منها عوائد جيدة ولا هي التي تستخدمها لتسديد المديونيات المستحقة عليها، وأترك الحكم لكم.