توفيت فتاة ببدر الجنوب غرب نجران متأثرة بلسعة دبّور وفارقت الحياة أثناء إسعافها، وحسب (سبق) فإن الفتاة تعرضت قبل أيام من وفاتها للدغة ثعبان سام وأعطيت مصلاً مضاداً وتحسنت صحتها، إلا أن حشرة تسمى الدبّور يقال إنها تنتشر في المنطقة كانت لها بالمرصاد وعاجلتها بلسعة بالغة كانت سبباً في وفاتها، نعم (تعددت الأسباب والموت واحد)، لكن أليس من المنطق أن تتخذ أيضاً الأسباب لحماية الناس والحيوان من شرور الهوام والحشرات القاتلة والمؤذية بتضافر جهود الجهات المختصة المسؤولة عن هذه المهام الضرورية لحياة سكان تلك القرى، فالأدوار موزعة على جهات عدة كالشؤون الصحية وبلدية المنطقة ومديرية الزراعة وكل من يهمه الأمر لأن يقوم بواجب المهنة وأمانتها، وليستشعر كل مسؤول أن المتوفاة إحدى قريباته، وبالفعل فكل مواطن يعد بمثابة الأخ والقريب والصديق وله حق الخدمة كمواطن قبل أن يكون في عداد الأهل والأقارب، حياة البشر أمانة عظيمة ومسؤولية جسيمة في عنق كل من يتولى أمرا من أمور الرعيّة، فإذا ما قام كل مسؤول بالواجب الموكل إليه فلن يجد المواطن قصوراً بالخدمة، ولا سيما والإمكانات متاحة والدولة ترصد الملايين لإقامة المشروعات الخدمية في كل اتجاه، إلا أن الإنجاز فيما يبدو اقل وأبطأ من أن يحقق تطلعات القيادة وآمال المواطن بخدمات تلبي كل احتياجاته، الأموال ترصد وكبار المسؤولين يحثّون على سرعة الإنجاز فلمَ التأخير والتقاعس؟ كل الخشية أن يأتي من أصلابنا أجيال تضحك من أفعالنا وتندهش من تقصيرنا حينما تقرأ أن الأموال كانت بين أيدينا وبتصرفنا في ظل قيادة تقول هل من عامل مخلص ينفذ ما أوكل إليه والتكاليف مرصودة بسخاء غير مسبوق!
إنها فرصة قد لا تتكرر يمكن من خلالها بناء أفضل المنشآت واشمل الخدمات وتجهيز بنى تحتية على أرقى المستويات، وان بقيت الفرص كما هي ـ وهذا المرتجى من رب العباد ـ فيا حبذا هذا النعيم ونسأل الله المزيد من فضله، غير انه ليس من الحكمة والمنطق أن نرتكن إلى أساليب قديمة في التعاطي مع المشروعات وتعقيدات تنفيذها، وثمة شأن آخر في توزيع تنفيذ الخدمات لتشمل كل القرى والهجر بنسب تلبي حاجة المواطن في كل موقع، وتشييد مراكز خدمية اشمل بين القرى والهجر يرجع لها كلما دعت الحاجة لها في تدرج وحجم الخدمة المطلوبة.
أعود لقصة الدبّور الذي أجهز على الفتاة رحمها الله وكانت قابلة للتأثر بسمّه بعد أن هيأ الثعبان أساسيات المهمة، ولعل في القصة رسالة وعظة فللّه سبحانه حكمته وتدبيره، والقصة تذكرني بما رواه موظف يعمل في دائرة تهتم بقضايا الأراضي والعقار كما انه يحفظ القرآن وأمام لمسجد، قال: ذات يوم كنت ضمن لجنة تحقق في قضايا تداخل أراض في إحدى القرى، وفي إحدى الأمسيات أرادوا الراحة والاستجمام في متنزه يمكن الوصول إليه مشياً وقبيل وصولهم شاهدوا عقرباً صفراء تسير بسرعة قصوى وتعجبوا منها وتابعوها فدخلت المتنزه واختفت عنهم، وبعد دقائق خرجت وعادت بنفس الاتجاه والسرعة وغابت بين الشجيرات، واتضح أنها لسعت رجلاً كان مسترخياً يغطي وجهه بشماغه، أنجزت مهمة محددة وغادرت.