قضايا متشابكة ومتلازمة لبعضها تتحد في الإفساد من أجل المال على حساب المجتمع كله بكل تركيباته وترابطه وصلابته أمام كل ظواهر الإخلال به والنيل من وحدته وتمسكه بمبادئه وتقاليده، وكمثال مختصر: تهريب المخالفين للأنظمة إلى داخل البلاد، وترويج الحبوب والمواد المخدرة، وما يتبع هذه الجرائم من سلسلة الجرائم اللاحقة التي تتولد منها وترث منها جيناتها الباعثة على الإفساد في الأرض، تقول الأخبار إن مروجاً محترفاً قبض عليه بالطائف للمرة الثانية بعد أن أفرج عنه حين شمله العفو مع آخرين، ولكنه هذه المرة قد زاد من كميات البضاعة وحاول رشوة رجال الأمن بمبلغ يصل إلى مليون ريال، المبلغ مغر والأمانة أهم منه عند العقلاء، وحكم عليه بعدة سنوات وخمسين ألف فقط، هو يقدم مليوناً والعقاب خمسين! الترويج قاد إلى الرشوة لتنضم إلى قائمة مفاسد المخدرات، والمروجون لا يقلون خطراً عن مهربي المخالفين فكلها جرائم مخلّة بالأمن والرشوة في صلب هذه العملية بل إنها من أساسياتها، وإلا ما معنى أن ترصد عدسة (سبق) عودة العمالة الإفريقية المخالفة إلى التجمّع في ضواحي (ساجر) بعد ثلاثة أيام من إطاحة الشرطة بـ 37 مخالفاً هناك، من يشجعهم ويدفعهم إلى هذه المغامرة إن لم يكن انتهازياً لا تهمه مصلحة البلد، وكيف عبروا المناطق حتى وصلوا إلى هذه البقعة، هم كمخالفين قد تخلصوا من عقدة الخوف قبل تسللهم لحدود المملكة فهم في الغالب من حثالة مجرمين هربوا أو هرّبوا من السجون والمصحات ودفع بهم إلى عصابات إجرامية قذفت بهم إلى هذا المصير فليس أمامهم إلا المجازفة، بل إن شرورهم وصلت إلى أبعد من ذلك فقد نشرهم مروجوهم ومهربوهم إلى أقصى حدود المملكة بعكس اتجاه قدومهم، حيث نقلت الأخبار أن مزارعاً شمال حائل قد أجّر مزرعته لأحد اللصوص المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل ووجد بها عدد كبير من الأغنام المسروقة حيث اعتاد هذا اللصُّ سرقة الأغنام من أماكن متفرقة في المنطقة وجمعها في المزرعة وإعادة تسويقها بأماكن مغايرة (مخالف وحرامي ويتاجر بكل يسر واطمئنان)، إن لم تكن عيون المواطن منفتحة على كل ما يخل بالأمن ويعكر صفو طمأنينته فإن يد العدالة ورجال الأمن سيعانون كثيراً في ضبط وتصحيح الأوضاع ولا يمكن أن تستقيم الأمور دون تعاون كل مواطن وشعوره الصادق بأنه رجل أمن يتابع كل ما يحيط به وكأنه مسؤول عنه، والحزم في تطبيق العقوبات والجزاءات من أسس ضبط النظام واستتباالأمن، ومن غير الملائم معاملة المجرمين على حد سواء في حال العفو الشامل فكل إنسان له شخصيته ومقوماتها في الشر والصلاح، فهناك فروق فردية يعرفها المتخصص النفسي والاجتماعي وعلى ضوئها يحكم إن كان من المجدي الإفراج عن هذا السجين أو إبقائه أو حتى تغليظ العقوبة عليه، فالإصلاحيات الحديثة وإدارات السجون لابد أن تدرس كل قضية وحالة على حدة ويقرر المختصون ماذا يجب أن يتم بحقها من حيث شمول العفو أو المعاملة اللينة كمن يرجى منهم الصلاح بعد الندم، أما عتاة المجرمين فلا يجدي معهم أسلوب اللين والمرحمة لأنهم سيتمادون في غيهم وتستفحل شرورهم.
t@alialkhuzaim