في كل إجازة تزيد عن يومين يشد القوم رحالهم إلى أقرب بلد يمكن الوصول إليه حسب المسافة أو المبلغ المرصود للرحلة الاستجمامية، وتحظى دولة الإمارات (دبي) بالنصيب الأوفر من عدد السياح السعوديين، لما تملكه من عناصر الجذب السياحي لمختلف الشرائح والتوجهات، إذ إن صنّاع القرار السياحي هناك لم يهملوا أي جانب من جوانب لفت نظر السائح العربي والأجنبي وهيأوا المناخات المناسبة لكل فئة من حدائق ومتنزهات ومطاعم ترضي كل الأذواق، والأهم أن الوافد للسياحة لن يتعب في البحث عن سكن في شقة أو فندق وكما يريد ويفضّل وبأسعار معقولة نسبياً، فكل الخيارات متوفرة، إلى جانب وسائل النقل المتنوّعة المريحة، والأسواق العامرة بكل جديد من أنحاء العالم، وكل الأمزجة ستجد رضاها هناك بين إمارات الدولة الخليجية الفتية، أذكرها كنموذج فقط لبلد أراد بشكل جاد أن يجعل من نفسه مقصداً سياحياً وتجارياً ينظر إليه باهتمام، والآفاق مفتوحة أمام السائح في كل اتجاه، غير أن السؤال يقول: لماذا نغادر (زرافاتٍ ووحداناً) كلما لاح في الأفق بصيص ضوء إجازة وكأننا الهيم أطلقت من عقالها نحو الغدير الصافي؟ لو أجاب أحد ساكني الرياض فلربما قال: إنه يهرب من مضاعفات الضغط والسكر بسبب زحام المرور والوقوف طويلاً عند الإشارات المرورية التي مضت السنون ونحن بانتظار علاج أوضاعها بالكباري وتصريف المسارات ولم يتم، وتأخر المترو المنتظر رغم المليارات، ثم إننا إذا التفتنا من حسّ وطني نبحث عن منتجع أو موقع سياحي حولنا يكفينا عناء السفر والترحال لم نجد إلا ما يخيب الآمال من نقص المرافق والمقومات والبيئة السياحية وصناعة السياحة بشكل عام، رغم الجهود الجادة المبذولة التي يبدو أنها لم تقنع السائح الداخلي في ظل أوضاعها الحالية من غلاء الأسعار المبالغ بها ونقص الخدمات الموازية وسلوكيات تقديم الخدمة التي لم ترق إلى ما يجده السائح الوطني خارج بلاده، فالمرافق إن لم تحط بتعامل ونظام جاذب تكون كعدمها، فلا يكفي أن تكون الأجواء لطيفة والأرض معشبة خضراء لكن مع نقص المسكن الجيد والمقهى والمطعم النظيف والتعامل الراقي ولو بنسبة معقولة وضبط التلاعب بالأسعار من قبل الجهات المختصة، هناك في بعض المقاصد السياحية قد تكون الأسعار مرتفعة نسبياً لكنك لا تندم في النهاية حينما تجد مطالبك ورغباتك الاستجمامية، وتمضي أياماً في بيئة هادئة وبين أناس يشعرونك بقيمتك كإنسان تبحث عن المتة الحلال فيوفرونها لك بأسلوب وذوق رفيع مقابل تكاليف قد تكون أوفر من لو توجهت (بدافع وطني) إلى جهات سياحية داخلية ومع ذلك فلن تجد الآلية والطرق ذاتها في التعامل معك كضيف سائح تريد أن تدفع المال مقابل الخدمة، فالفرق واضح، فهناك أنت ضيف معزّز مكرّم تدفع فاتورة هذه الضيافة، أما هنا فأنت مجرد ضحية لباحث عن المال دون أن يقدّم لك المقابل المناسب ولو بدرجة (مقبول) لافتقاره لإدراك مفهوم السياحة وكيف يجب أن تكون، كل همه الكسب بأقل تكلفه ويتناسى أنك إنما جئت لطلب الخدمة الواقعية المنصفة مقابل ما تدفعه من مال ادّخرته من مدخولك كمخصص لهذه الرحلة.
t@alialkhuzaim