أكثر مقولة ترددت على مسامعنا أيام الدراسة كانت (من قال لا أعلم فقد أفتى)، وهي أكثر معلومة نحتاجها اليوم في حياتنا، ومدارسنا، وإعلامنا، وعلى منابرنا..؟!.
قاتل الله (الربيع العربي) وتداعياته، فقد أصبح المواطن العربي يتحدث سياسة واقتصاد ورياضة وتجارة في وقت واحد، ويفهم في كل شيء تقريباً بدءاً من (النانو) وحتى أسرار قفزة (فليكس) وتأثيرها على ثقب الأوزون، وقصة سرقة (الخلطة السرية) لفول (خاله فتو) من قبل إحدى شركات الأغذية الأمريكية وإعادة تصديره لنا بمسمى (الخلطة السعودية) ؟!.
وهنا تذكرت برنامج عربي اسمه (أرجوك ما تفتيش )، طرحت فيه المذيعة السؤال التالي (ما تعليقك على تهريب الأوكسجين خارج البلد) ؟! طبعاً لا يمكنك تخيل تفاعل الناس وغضبهم عندما طالبوا بأهمية وضرورة إعادة (الأوكسجين المُهرب) عشان الناس تتنفس صح ؟!.
هل (العقلية العربية) ساذجة إلى هذه الدرجة ؟! ومتقبلة لكل (إشاعة) أو (كذبة) لتقوم بتداولها، و إضافة (بعض البهارات عليها) ثم إعادة تصديرها من جديد للغير دون تفكير أو تمّحيص ؟!.
في الحلقة التالية ضحكت حتى كدت أن (انجلط)، وقد توقفت عن الضحك لكوني لا أحمل (تأميناً طبياً) حسب رغبة معالي وزير الصحة الذي يرى أن مستشفياتنا وطريقة علاجها (الآن) أفضل من التأمين بكثير، والسبب أن امرأة أجابت على سؤال: (هل تعرف حلف الناتو) ؟! بأنه القَسَم الذي يقوله الأطباء عند التخرج، وهو منسوب لأول طبيب أدى القسم واسمه (دكتور ناتو) !.
لماذا يُصر البعض على معرفة (كل شيء) ؟! عندما يتحدث في التلفزيون ويكتب في الصحافة ويعلق ويجادل، ويناقش قضايانا وأزماتنا ويفتي فيها ليقنعنا بوجهة نظره، وأنه يعرف كل ما يدور حولنا، وهو أبخص بما يصلح لنا ؟!.
رغم أنه من الطبيعي أن بعض الأسئلة أو النقاط المطروحة لا يمكن الإجابة عليها لصعوبتها أو لعدم المعرفة بتفاصيلها، وحاجتها لمتخصص للتعليق عليها !.
إذا ما أردنا حل معظم قضايانا ومشاكلنا العالقة بصدق، فيجب علينا عدم الاستعانة مطلقاً بـ (أبو العُرِّيف ) !.
لأن أول خطوة للحل تكمن في التخلص من شخصية (أبو العُرِّيف)، والذي ستجده حولك حتماً في كل مكان !.
وعلى دروب الخير نلتقي.