منذ وقت غير قصير ونحن نفكِّر في تصغير مقاس صحيفة (الجزيرة)، وإدخال تعديلات على تبويبها وإخراجها، وتطوير مادَّتها الصحفية. وكلَّما أقدمنا على التنفيذ وحدَّدنا موعداً للبدء فيه تعثَّر ذلك بتدخُّل فني أو تسويقي أو بتردُّد لا مبرِّر له، وكلَّما عُدْنا إلى طاولة الحوار لنناقش الخطوة من جديد ونفكِّر فيما ينبغي أن نعمله لإنجاز ما هو مطلوب تتسارع المناسبات والمسؤوليات لتعيق هي الأخرى التنفيذ مرة أخرى.
* * *
وها أنتم منذ بداية هذا الأسبوع تُطالعون (الجزيرة) بجديدها الذي جدَّ، وبخطوات تمثَّلت في المقاس والإخراج والتبويب والإضافات والتحسينات في مادَّتها الصحفية، بما لا ندَّعي أنه يمثِّل كل ما كنتم تنتظرونه وتتوقعونه وتتمنونه لصحيفتكم، ولكنه خطوة جديدة من خطواتنا على الطريق الطويل، بأمل أن تتتابع الخطوات لتبلغ رضاكم وتعزِّز الصحيفة من مكانتها بينكم.
* * *
و(الجزيرة)، وهي تخطو لبلوغ نصف قرن من عمرها بعد أربع سنوات من الآن، كانت دائماً صديقةً للتغيير والتجديد، مع التزامٍ بأن أيّ تغيير عليه أن يُراعي التمسُّك بشخصيتها وأهدافها المرسومة، وأن لا يمسَّ ثوابتها أو يعطي أيّ تنازل عن قواعد ومفاهيم وأصول العمل الصحفي العاقل.
* * *
وفي أوَّل عدد من أعداد صحيفة (الجزيرة) الذي بدأ يوم السبت الماضي، وقد مسَّه ما يمكن اعتباره خطوةً من خطوات التغيير، لا بدَّ أن تتذكَّروا معه أنكم منذ أربع سنوات كنتم تتسلَّمون نسختكم اليومية وقد حافظنا فيها على الشكل والمقاس، وحرصنا على عدم تركهما عُرضةً للاجتهادات في التغيير المتواصل، وأن هذا التغيير في الشكل بعد هذا الانتظار الطويل الذي يصاحبه تغيير في مقاس الصحيفة وتحسينات أخرى ملازمة له، إنما يدخل ضمن حرص أسرة تحرير الصحيفة على تلبية رغبات القرَّاء، وبخاصة تلك التي جاءت متوافقةً مع قناعاتنا.
* * *
ولا أريد أن أتحدَّث عن مدى استجابة هذا التغيير وملاءمته وقُربه من قناعات القرَّاء، وهل أمكن لنا فعلاً توظيف متطلّبات القرَّاء بما يمكن اعتباره نجاحاً لنا في هذا التحدِّي الصحفي اليومي الذي نسعى به إلى إرضاء كل قرَّاء الصحيفة، فهذا ما لا نستطيع الحكم له أو عليه، وإنما نتركه لتقدير القرَّاء بانتظار وصول آرائهم لنحدِّد ونقيس من خلالها خطواتنا القادمة.
* * *
وبهذا فلا بأس من ملاحظات تُرسل لنا، واقتراحات تصل إلينا، ونقد موضوعي يقرِّب المسافة بيننا وبين مَن لا يُرضيه أي شيء في الصحيفة، فلعلَّنا بهذا نعدل المائل، ونقوم المعوجّ، ونصون ما هو متميِّز، وبالتالي نضيف إلى الصحيفة ما يعزِّز المزيد من فرص النجاح لها؛ فالمسؤولية مُشترَكة، والصحيفة هي لقرَّائها قبل أن تكون لأُسرة تحريرها، وهي منكم وإليكم، اليوم وغداً وفي المستقبل القريب والبعيد معاً وعلى حدٍّ سواء.