يُروى أن ستة أشخاص قضت عليهم الظروف السيئة أن يُحبسوا في حجرة ضيقة مغلقة ستة أشهر ومعهم طعام قليل، وماء قليل، فأما اثنان منهم فتبرما أشد التبرم من هذه الحياة، ولم يريا بصيصاً من الأمل يسري عنهما؛ فأصيبا بالجنون.
وأما ثلاثة آخرون منهم فنظروا إلى هذه الحياة بمنظار أقل سواداً من الأولين؛ فأصيبوا بنوبات عصبية متقطعة، وأما السادس فأبعد عن ذهنه ما استطاع فكرة البؤس الذي هو فيه والتفكير فيما سيحدث، وشغل نفسه بتأليف كتاب يستمده من أفكاره وآرائه ومعلوماته؛ فلما فتح عليهم الباب ليطلق سراحهم كانت حالتهم ما شرحنا، ولا فرق بينهم إلا أن من نجا منهم عدَّل نفسه وفق ظروفه، وأما الخمسة الآخرون فلم يستطيعوا ذلك.
إن كثيراً من متاعبنا تنشأ من جُبننا واستسلامنا للمتاعب تطغى علينا، وتخيفنا، وتحاربنا؛ فتهزمنا.