إعداد - صلاح عمر شنكل
أصبحت النحافة هوساً يطارد الجميع، وليس الفتيات فقط، وصارت الفضائيات تلعب دوراً واضحاً في حث الناس على تنحيف أجسادهم، ليس من خلال البرامج الصحية وحسب، بل أيضاً من خلال مقدمات البرامج النحيفات، وكذلك الفنانات والعارضات وغيرهن اللاتي استطعن ان يجسدن ثقافة النحافة لدى متابعات الفضائيات بشكل ملحوظ، وأصبح اللهاث وراء هذا الوهم قاتلاً لدى البعض، إذ يصل بهم إلى درجة الحرمان من الغذاء بحجة البحث عن النحافة، واحيانا تصبح المفارقة عجيبة بين من يعانون السمنة ويريدون في ذات الوقت التحول إلى النحافة بزاوية منفرجة، حيث يصر البعض على اذابة كتل الشحوم في وقت وجيز والحصول على الرشاقة بين عشية وضحاها، ومن هنا تبدأ رحلة المتاعب.
القضية تأخذ بعدا آخر في مجتمع ترتفع فيه نسبة السمنة، وتسود ثقافة التنوع الغذائي الدسم وتكثر فيه الولائم والمناسبات التي لا بد أن تكون دسمة (بطبيعة الحال) لذا طرحنا المحور على أصدقاء منتدى الهاتف الذين شاركوا بفاعلية في اثراء الموضوع، من خلال الأفكار المتنوعة، والتجاوب الكبير، وها هي آراؤهم نطرحها بين أيدي القراء كما جاءت على ألسنتهم هاتفياً.
تحكيم العقل
( حصة الزويّد - الرياض: كل يوم تظهر لنا أنواع مختلفة من الحميات فهذا يمكنك من إنقاص وزنك في أسبوع وهناك من يصدق هذا الأمر ولكن بمجرد أن يترك هذه الحمية حتى يعود وزنه كما كان أو يزيد فقد نشاهد العارضات والفنانات على شاشة الفضائية ونفتنن برشاقة أجسامهن فيؤثر ذلك سلباً ويصبح لدينا هوس يطاردنا حتى نكون مثلهن حتى لو جلبت لنا بعض الأضرار الصحية وبما أننا مقبلون على اجازة الصيف التي تكثر فيها المناسبات فالكل يريد أن يخرج بشكل جيد ولكن لننظر إلى الواقع والعقل والحكمة فكيف نستطيع فقد كمية كبيرة من الوزن بفترة قصيرة والشحوم والدهون قد تراكمت على مدى سنوات طويلة تحتاج إلى تغيير كمية الأكل الذي نتناوله ونوعه أيضاً ونمتنع من الأكل إلا من بعض الفواكه ونحاول التقليل من الوجبات السريعة وهذا مؤشر يدل على ارتفاع نسبة السمنة في بلادنا فكيف نريد أن نقلل من الوزن ونحن نقول ما لا نفعل فالنحافة أو الرشاقة تتطلب منا العزيمة والإرادة الصادقة وألا نقبل أي حمية إلا باستشارة مختصين في التغذية حتى نحافظ على صحتنا.
الجانب السلبي
( عمر عبدالله السيار: أريد أن أتكلم عن الجانب السلبي فقد لوحظ أن الكثير من الناس يسعى للنحافة ولكن المشكلة أن ليس لديهم فكرة وفهم عن النحافة فيضرون أنفسهم وتصل الأضرار إلى أشياء كبيرة فهناك أناس يحرمون أنفسهم من الطعام والشراب بشكل قوي وغير عادل ولا منصف فأعرف شخصا كان يحرم نفسه من أي أكل وشرب وفي يوم من الأيام ذهب ليعتمر وعندما كان بصدد القيام بالسعي أرهق كثيراً ولم يعر ذلك أي اهتمام حتى أغمي عليه وبعدها اكتشف أنه أصيب بفشل كلوي مزمن وهذا بسبب الحرمان المتواصل من الأكل ومن الماء تحديداً.
دور الاعلام
( مها الخالدي : لا شك ان البحث عن النحافة - في بلادنا بالتحديد - يأخذ عدة مناحي، فمن الناس من يمارس الرياضة ويلتزم نظاما غذائيا منذ سنوات عديدة، وهذا سيحصل على نتائج جيدة، ولكن هناك من يصدق اللقطات المدبلجة على شاشات الفضائيات ويتوقع نقصا حاداً في شحومه بين يوم وليلة، وهنا الخسران النفسي والبدني، وكما هو معروف لا النحافة الشديدة تجدي ولا السمنة تنفع، وخير الأمور أوسطها، واذا استطعنا أن نكون في منطقة الوسط فهذا أفضل الأشياء، وحقا هناك هوس شديد من الفتيات بالتحديد نحو الوصول إلى النحافة، خاصة بعد بروز توجه من الشباب نحو العزوف عن الزواج البدينات، فصار العديد من الشابات يبحثن عن المجلات التي تتناول محاربة السمنة، وكذلك متابعة القنوات الفضائية التي تتطرق إلى مثل تلك الموضوعات، وأحيانا تتخذ بعض الفتيات أنواعا من الحمية دون الاسترشاد بتوجهات الطبيب، وهنا مكمن الخطورة، والله المستعان.
غياب الفهم
( عبد الرحمن السويدان : في رأيي الموضوع تم فهمه من الكثيرين بصورة عكسية، خصوصا أولئك الباحثون عن النحافة السريعة، فهم مثل الباحثين عن الثروة السريعة لا بد أن تواجههم مشكلات، وقد تكون معضلات حقيقية، أرى أن الكثير من الفتيات يعانين هوساً حقيقياً تجاه هذه القضية، وكذلك بعض الرجال الذين يحرمون أنفسهم من الأكل والشرب لعدة أيام بزعم التزامهم حمية غذائية، ولكن مبلغ علمي أن الرياضة وخصوصاً المشي المنتظم، وكذلك السلوك الغذائي السليم يكون كافيا إذا نفذ بصرامة على مدى طويل، وأن الهوس الذي نراه اليوم لا داعي له على الاطلاق في ظل توفر كل الوسائل التي يمكن ان تعينهم على تحقيق وضع صحي أفضل.
أسباب الهوس
( خالد الشهراني: أعتقد ان هوس الناس بالنحافة مصدره هروب البعض وخوفهم من الأمراض المتعلقة بالسمنة، هذا بالنسبة للجنسين طبعا، والسبب الآخر هو البحث عن الجوانب الجمالية والقوام، خصوصا لدى النساء، ولا اعتراض على الهدف والأسباب في الحالتين، انما تحفظ البعض نابع من الوسيلة والطرق المتبعة لتحقيق تلك الغايات، وهذا ما فهمته من دواعي طرح هذا المحور، وأتفق مع هذا الرأي بأن الهوس الذي يحدث بهذا الشأن لا مبرر له، خصوصا حينما يتحول الأمر إلى هاجس لا يراعي الجوانب الصحية، فالمائدة الشرقية بشكل عام هي تشجع على وجود السمنة، ومن ثم تساعد على وجود فئات عديدة تعلق آمالها على ما تراه من دعايات مهما كان معدل المبالغة فيها، أما المائدة الخليجية على وجه الخصوص والسعودية هي محورها، فلا تشجع على محاربة هذه الظاهرة، بل تساعد على نموها وانتشارها بشكل أوسع، فالبحث عن النحافة مصدره سمنة زائدة ونابعة من سوء سلوك غذائي، وعدم حركة، وغير ذلك من مسببات السمنة التي يعتقد البعض أن الحل لمشاكلها يكمن في ما يسمى ببرامج النحافة، التي يجب أن يتعامل معها الجميع بشيء من الوعي والبصيرة.
التوعية الصحية
( هدى سليمان: حقا النحافة صارت هوسا يطارد الكثير من أفراد المجتمع، والغريب في الأمر يحاول البعض الوصول اليها قبل أن يخطو خطوات للتخلص من ركام الشحوم الذي ينتشر في أجزاء الجسم، وهنا يطرأ على ذهني سؤال : ما هو مردود حملات التوعية الصحية التي تنفذها الجهات ذات العلاقة؟ وهل يستفيد الناس منها ام لا؟ لأن الهوس الذي أصاب البعض ان لم نقل الكثير من الناس ينذر بعدم تثقيف صحي واضح، بل فقط يعكس موجة من الاهتمامات التي أزكتها وسائل الاعلام في محاولة للفت انظار الناس إلى منتجات معينة، وأحيانا تعرض هذه النصائح من خلال برامج جادة وهادفة، لكن تعاطي الجمهور معها ينقصه الوعي المطلوب، وفي رأيي يجب أن تكون هناك توعية مضادة بحيث يعرف الناس أضرار النحافة القسرية السريعة مثلما عرف الكثيرون أضرار السمنة وزيادة الشحوم، والمسألة لا تقف عند حد الظاهرة، بل تمس صميم صحة المجتمع طالما تفرز أضرارا واضحة على الصحة العامة.