فاز فيلم (بيرسيبوليس)، للمخرجين مارجان ساترابي وفانسآن بارونوه، بجائزة التحكيم لمهرجان كان الدولي للسينما، مناصفة مع المخرج المكسيكي كارلوس ريغاداس، عن فيلمه (النور الصامت) وقد عُرض فيلم (بيرسيبوليس) في إطار المسابقة الرسمية للمهرجان. والفيلم من صنف أفلام الرسوم المتحركة؛ كما اعتمد على سيرة ذاتية مصورة أنجزت رسومها المخرجة الفرنسية الجنسية الإيرانية الأصل، ونشرتها قبل بضع سنوات في أربعة أجزاء. ومعظم لقطات الفيلم بالأبيض والأسود.
تجري معظم أحداث الفيلم في إيران، وينتهي الفيلم - وعنوانه هو الاسم اليوناني (الذي يعني مدينة فارس) لمدينة تخت جمشيد إحدى عواصم بلاد فارس قبل الإسلام - بعد أن تغادر مرجان بلدها نهائيا مهاجرة إلى فرنسا. تبدأ أحداث الفلم قبيل اندلاع الثورة الإيرانية عام 1978. ويتابع المُشاهد منذ اللحظة الأولى نمو مرجان وتطورها في أحضان أسرة متماسكة ذات تاريخ سياسي ونضالي، وسيتفتح اهتمامها السياسي عندما سيُفرج عن أحد أقرب أقاربها من الاعتقال بعد أن قضى في السجن تسع سنوات تحت نظام الشاه بسبب (نضاله). ويلاحظ المشاهد تبلور الحس السياسي لمرجان عندما يعود قريبها هذا إلى السجن مرة أخرى، بنفس التهمة ولكن هذه المرة تحت نظام مختلف. وعلى عكس النظام البائد سيعدم النظام الذي قام على أنقاضه (المناضل)، الذي يصير أحد المثالين اللذين ستقتدي بهما مرجان إلى جانب جدتها. ستزداد الأمور تدهورا والأجواء تزمتا، بعد اندلاع الحرب الإيرانية العراقية، فيقرر والدا مرجان إرسالها إلى ثانوية فرنسية بالعاصمة النمساوية فيينا، حيث تنتقل من الطفولة إلى سن البلوغ. لكن دائرة الغربة تضيق عليها، فتقرر العودة إلى وطنها حيث تزداد هذه الدائرة ضيقا، فتحزم حقائبها من جديد، مهاجرة إلى فرنسا بصفة نهائية.
الجدير ذكره احتجاج ايران على عرض هذا الفلم للرسوم المتحركة والذي يقدم نظرة نقدية للثورة الاسلامية في إيران. ونقلت الصحف الايرانية رسالة وجهتها منظمة تابعة لوزارة الثقافة الايرانية إلى الملحق الثقافي لسفارة فرنسا في طهران تؤكد ان مهرجان كان هذه السنة اختار فلما حول ايران يقدم لوحة غير حقيقية لمنجزات الثورة الاسلامية وانعكاساتها. وتساءلت مؤسسة الفارابي للسينما التي كتبت الرسالة هل يكون اختيار هذا الفيلم عملا سياسيا مناهضا للثقافة من جانب المهرجان؟
ويجدر التذكير أن هذا الفيلم الذي جرى اخراجه مع فنسان بارونو مقتبس من قصة مصورة تحمل اسم مرجان ساترابي وتروي حكاية طفولتها مع اندلاع الثورة الاسلامية عام 1979 وما تلاه من خيبة أمل قبل ان يرسلها والداها إلى النمسا خوفاً من الأجهزة الأمنية. وكتبت ساترابي سلسلة من القصص المصورة حول هذا الموضوع ترجمت إلى عشرين لغة.