* إعداد - وفاء الناصر
من منا لم يزعجه الرنين المتواصل لجوال زميل العمل ولم يتعرض يومياً رغم أنفه لسماع مكالمات الآخرين بسبب علو أصواتهم؟ ومن منا لم يتركه محدثه فجأة ودون استئذان ليرد على مكالمة ليست ذات أهمية؟ ومن منا لم يعكر عليه الرنين المتواصل للجو الصفو متعة المشاهدة في السينما أو في المسرح؟
تلك التصرفات المزعجة ما هي إلا القليل من السلوكيات السيئة التي تتبعها الأغلبية العظمى من مستخدمي الهاتف الجوال، التي تنظر إلى الهاتف على أنه وسيلة اختصرت الوقت والجهد وسهلت أمور العمل والتواصل مع الأهل والأصدقاء فقط، وتتجاهل في نفس الوقت اتباع قواعد اللياقة والأدب الخاصة باستخدامه، تلك التي يسميها الخبراء (إتيكيت استخدام الجوال) ويشرحونها لنا في الأسطر التالية بعدما أدركوا تنامي السلوكيات السيئة لاستخدامه.
طبقاً لإحصائية حديثة صدرت عن الباحثين بمجموعة wireless intelligence التابعة للاتحاد الدولي للاتصالات فقد بلغ عدد مستخدمي الهاتف الجوال في سبتمبر الماضي 2.5 مليار شخص، كما يتوقّعون أن يصبح نصف سكان العالم مستخدمين له مع نهاية هذا العام مستخدمين له مع نهاية هذا العام، أي أكثر من 3 مليارات شخص وبشكل عام تقدر الزيادة في عدد المشتركين في هذه الخدمة حالياً بـ 40 مليون مشترك جديد كل شهر وهو معدل زيادة لم تشهده الخدمة من قبل، فقد بلغ عدد المشتركين المليار بعد مرور 20 عاماً على بدء هذه الخدمة وبعد ثلاث سنوات من بلوغ المليار الأول أتموا المليارين بينما زادوا خلال العام الماضي فقط نصف مليار مستخدم جديد.
على من يقع اللوم ؟!
مع هذه الزيادة الهائلة المستمرة في عدد المشتركين في خدمات الموبايل أدرك خبراء دراسات السلوك البشري في فرنسا وخبراء الاتصال في جامعتي روان وجونز هوبكينز الأمريكيتين وغيرهم خطورة تنامي السلوكيات السيئة لاستخدام الموبايل مع زيادة عدد مشتركيه، فعكفوا على وضع مجموعة من البروتوكولات والقواعد السلوكية الصحيحة التي يجب اتباعها عند استخدام الموبايل والتي تشكل في مجملها ما يطلقون عليه إتيكيت الاستخدام.
في البداية تقول الأمريكية كارول بيج خبيرة السلوك البشري وصاحبة موقع خاص بقواعد استخدام الموبايل على شبكة الإنترنت إنه على الرغم من أن الهاتف الجوال لا يعد تقنية جديدة، لكننا تأخرنا كثيراً في رسم وتوضيح القواعد السلوكية الصحيحة التي يجب أن يراعيها كل مستخدم له. وترد كارول على كل من يلقي باللوم على الخبراء لتأخرهم في توضيح قواعد إتيكيت استخدام (الموبايل)، بأن ذلك لا يعفي المستخدم من مراعاة مشاعر الآخرين عند التحدث فيه، فلو كان المستخدم إنساناً متحضراً يراعي مشاعر الآخرين في الحياة بشكل عام فسوف يدرك من تلقاء نفسه أنه يفترض ألا يستخدمه بطريقة تزعج الآخرين وتقلق راحتهم ويحمل كلام كارول إشارة إلى أن من يزعج الآخرين عند استخدامه الموبايل شخص غير متحضر.
مكالمات غير ضرورية
بينما رأى البروفيسور نيد ايكهاردت أستاذ علم الاتصال بجامعة روان بمدينة نيوجيرسي أن 95% من المكالمات التي نجريها عبر( الموبايل) غير ضرورية لكننا في الواقع نقوم بها لأنها تشعرنا بالراحة والتواصل التلقائي مع الآخرين وتعزِّز لدينا فكرة العولمة وأن الكون أصبح قرية صغيرة يمكننا أن نصل لأي من طرفيها بمكالمة هاتفية. أما الدكتور بي إم فورني مؤسس برنامج السلوك المتحضر بجامعة جونز هوبكينز الأمريكية، فيرى أن انتشار (الموبايل) أدى إلى انتهاك الخصوصية وجعلها شيئاً من الماضي البعيد، فمكالمة واحدة يجريها أي مستخدم في كل مكان سيسمعها بعض الموجودين في المكان بالصدفة وسيعرفون تفاصيلها.
* استأذن قبل أن ترد: إذا كنت جالساً مع صديق أو منشغلاً بحديث مع أشخاص آخرين وجاءتك مكالمة تود الرد عليها، عليك أن تستأذن منهم أولاً قبل الرد، مع مراعاة ألا تطيل مدة المكالمة حتى لا تنشغل عنهم وقتاً طويلاً، واحرص على ألا ترد على المكالمات التي قد تأتي على تليفونات الآخرين ولا حتى النظر إلى شاشتها لمعرفة اسم المتصل وذلك حتى لا تكون واحداً من الفضوليين الذين تصفهم كارول بيج بغير المتحضرين، ولا تكن من المتطفلين وتلح في طلب أرقام هواتف الآخرين، فالبعض يعتبر رقم تليفونه شيئاً خاصاً لا ينبغي نشره إلا بين المقربين ولا تلح أيضاً في إعطاء رقمك للآخرين.
* خفض نبرة صوتك: ينبغي أن تكون نبرة صوتك هادئة وعليك أن تدرك أن ( الموبايل) مزوّد بميكروفون حساس قادر على نقل الأصوات الهامسة وليست المنخفضة فقط، فاحرص على خفض صوتك عند الحديث. ويجب وضع نغمة التليفون على أقل درجة حتى لا ينزعج أي شخص منها، ويفضّل استخدام خاصية الاهتزاز (الفيبريشن) بدلاً من الرنين وخاصة أثناء الاجتماعات والأعمال المهمة أو في وجود شخص نائم أو عند زيارة مريض، ويجب مراعاة عدم جذب انتباه الغير أثناء الحديث باستخدام كلمات قد توحي لهم بها أو توهمهم بأنك شخص ذو أهمية، أو أنك تجري مكالمة مع شخصية مهمة. ولا تنسى استعمال السماعة الخاصة به كي تبعد إشعاعاته عن رأسك ولتصبح يداك أكثر تحرراً وقدرة على التصرف دون قيود.
* لا تخترق حيز الآخرين: لأي شخص منا حيز خاص به وهو المكان الذي يشغله وهذا الحيز هو الذي يشعر فيه كل واحد منا بالأمان والهدوء خاصة في الأماكن المزدحمة. وعندما يتعدى شخص حدود حيزه ليخترق ملكية الآخرين فسوف يصيبهم بالإزعاج، ومن ثم يجب على المتحدث أن يحترم الحيز الشخصي للمحيطين به، ويحرص دائماً على وجود مسافة كافية بينه وبين المحيطين وإذا لم تتوافر هذه المسافة فعليه الانتظار وعدم الرد على المكالمة حتى يتاح له حيزه الشخصي، كما ينبغي عدم التحدث مطلقاً في الغرف المزدحمة والطوابير أو في الأماكن الضيقة، أما المتحدث الذي يتجاهل الحيز الشخصي للآخرين فهو شخص يصفه الخبراء بالآناني الذي لا يكترث لمشاعر الآخرين.
* حافظ على السرية: السبب الرئيسي لابتكار (الموبايل) هو ضمان سير وسرية الأعمال المهمة على ما يرام وفي الوقت المناسب لها دون تأخير، وهناك بعض الأعمال التي ينبغي اتخاذ قرارات فورية وحازمة فيها ويضر تأجيلها، وهنا يأتي الدور الأعظم (للموبايل) خاصة لو كان صاحب الأمر في مكان ما بعيد عن مقر العمل وأثناء ا تخاذ قرار ما مهم يتناسى البعض أن يحيطوا أحاديثهم بشيء من السرية أو الخصوصية ومن ثم يجب عليهم الحرص دائماً على اختيار الوقت والمكان المناسبين لنقاش المواضيع الخاصة بهم حتى يضمنوا سريتها أما أن تُذاع القرارات على الملأ وتتسرّب المعلومات فهذا سوف يضر بهم دون أن يشعروا.
* خير الكلام ما قبل ودل: ينبغي أن يكون شعار مستخدم الموبايل (خير الكلام ما قل ودل) أي إبلاغ الأمور المهمة عبره بإيجاز شديد، فهو غير مخصص لإدارة شؤون المنزل أو الأسرة أو الشجار في أمور العمل، وعندما يكون هناك خلاف فمن الأفضل الانتظار لمقابلة الشخص وجهاً لوجه لأن هذا يؤدي إلى نتائج أفضل في حل الخلاف ولذا يجب على المتحدث أن يكون على وعي تام بنوع ومضمون المحادثة ونبرة الصوت، فالمناقشات الحادة لها أماكنها الخاصة بها، فلا يستخدم الموبايل مثلاً في أمور مثل فصل الموظفين أو الجدال مع الموظفين أو رئيس العمل أو مع الزوجة والأطفال ويرى الخبراء أن من يخوضون عمداً في مثل هذه الأمور عبر الموبايل ولا يجدون حرجاً في أن يعرف الجميع أسرارهم ويرفعون أصواتهم بالشجار والجدال فهم في الواقع أصحاب شخصيات ضعيفة يحاولون برفع أصواتهم أثناء المكالمات أن يوهموا من حولهم بأنهم أقوياء بدرجة تجعلهم يديرون أمورهم عبر (الموبايل).