سوريا إحدى البلدان العربية القليلة التي لا يحتاج حاملو الجنسيات العربية الأخرى إلى تأشيرة دخول لزيارتها.
أنت عربي.. فهذا بلدك إذن الباب مفتوح، والقلب مفتوح أيضاً.
وقلب الشام أوسع من أبوابها، ولأن للشام قلباً واحداً فالحقيقة هي أن أبوابها كثيرة, وهي مفتوحة دائماً وكثرة الأبواب قد تعني أن زائري سورية يأتون من كل حدب، إلا أنها تعني أن لأبناء هذا البلد الرحب تقاليد ضيافة واستقبال عريقة. وتمتلك سورية مخزوناً أثرياً كبيراً لأروع ما تركته الحضارات التي تعاقبت على أرضها فغدت متحفاً مكشوفاً يزخر بإرث تاريخي لعشرين حضارة من خلال 3500 موقع أثري، وهذه الحضارات تركت بصماتها المميزة في القلاع والآثار المنتشرة في جميع أنحاء سورية مازالت ماثلة حتى يومنا هذا في المدن والأسواق والبيوت والحرف اليدوية والصناعات التقليدية, وتتوافر في الربوع السورية جميع عناصر الجذب السياحي، تناغم رائع بين الماضي والحاضر والسهل والجبل والبر والبحر والتاريخ والجغرافيا.
حوار إنساني
تتبنى الحكومة السورية السياحة كصناعة استراتيجية فهي أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، وهي تعتبر السياحة حواراً إنسانياً بين الناس والحضارات يبرز الصورة الحقيقية للدولة، ويسهم في حفظ التراث التاريخي والميراث الفني فيها، وسوريا مجهزة بكل متطلبات السياحة.
وأعادت وزارة السياحة الانتعاش في حركة القدوم إلى القرار الذي سهل حصول السياح الأجانب على تأشيرات الدخول في المعابر الحدودية وإلى الزيارات التي قامت بها الوزارة لبعض الدول مثل: تركيا واليونان وإسبانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا والكويت ودبي والبحرين وعمان، إضافة إلى ورشات العمل، ولا توجد مشكلة في توافر السكن المريح للسياح، وهناك أكثر من 400 فندق بمستويات وتكاليف مختلفة، أما إذا أردت الإقامة في خيمتك فهناك مجال لنصب الخيمة على مشارف المدن السورية خصوصاً في فصل الصيف، وتتوافر المخيمات بكثرة في الشواطئ السورية، وهي تختلف من حيث الدرجة والخدمات والكلفة.
أماكن لا بد من زيارتها
* دمشق: أقدم عاصمة مأهولة في العالم، تتفيأ ظلال غوطتها الفيحاء، أطلق عليها المؤرخون عدة أسماء وصفات، فهي جلق والفيحاء والشام، ونسبها بعضهم إلى دِمْشاق بن كنعان، ورجعوها إلى ما قبل ميلاد سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام.
ودمشق القديمة محاطة بسور وأبراج دفاعية وبثمانية أبواب، وتنتشر في ثنايا نسيجها العمراني أوابد تاريخية ومعالم أثرية متنوعة.
* الجامع الأموي: هو درة دمشق ورائعة الفن المعماري الإسلامي في سوريا، قام ببنائه الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك. والجامع الأموي هو شقيق المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة في القدس، ويتميز باتساعه وجمال مآذنه الثلاث وقبته، ويوجد في حرم الجامع ضريح النبي يحيى - عليه السلام.
وإلى الشمال من الجامع يقع ضريح البطل صلاح الدين الأيوبي قاهر الصليبيين ومحرر فلسطين، كما توجد مدارس العادلي والظاهرية، وإلى الجنوب يقع قصر العظم وخان أسعد وحمام نور الدين، وتوجد في دمشق كنائس عريقة منها كنيسة المريمية وكنيسة حنانيا وكنيسة القديس بولس.
وفي غرب المدينة تقع قلعة دمشق الأيوبية الشهيرة، وتقوم التكية السليمانية وضمنها المتحف الحربي الوطني، وفي جبل قاسيون الذي يشرف على دمشق مزار ومغارة الأربعين التي يقال إن أمنا حواء لجأت إليها بعد أن قتل فيها ابنها قابيل أخاه هابيل فكان أول ضحية قتل في التاريخ.
وتتناثر ضمن أحياء دمشق البيوت التراثية والمدارس التاريخية من العهود الإسلامية المتلاحقة، إضافة إلى مقهى النوفرة الشعبي المشهور.
* الأسواق الدمشقية: أسواق دمشق القديمة ذات الأسقف لكل منها نكهة خاصة، وأشهرها سوق مدحت باشا وسوق الحرير وسوق البزورية، إضافة إلى سوق الحميدية وهو السوق الأشهر في سوريا، ويعود تاريخ بنائه إلى العام 1863 خلال حكم السلطان العثماني عبد الحميد الذي سمي السوق باسمه، وحوانيت السوق تشتهر بجميع أنواع البضائع ولاسيما الملابس والأقمشة والصناعات التقليدية.
وسوق البزورية يشتهر بأريجه المتميز، فحوانيته الصغيرة تزخر بأنواع البهارات والعطور واللوزيات والفواكه المجففة والأعشاب الطبية والحلويات والبزورات، وفي وسط السوق يقع حمام النوري وهو أحد الحمامات العامة المتبقية من نحو 200 حمام كانت في دمشق منذ القرن الثاني عشر، وإلى جنوب السوق يقع البيمارستان النوري الذي يضم الآن متحف الطب والعلوم عند العرب.
ومن أهم المعالم السياحية في دمشق المتحف الوطني وهو أحد أهم متاحف العالم وفيه الكثير من التماثيل والحلي والأسلحة واللوحات والمنحوتات والمخطوطات.
وتوجد حول دمشق العديد من مناطق الاصطياف المشهورة بمناخها وخضرتها وفاكهتها وأبنيتها ومطاعمها مثل: الزبداني وبقين وبلودان وعين الفيجة ومعلولا وصيدنايا ومضايا دمّر والهامة وغيرها.
* تدمر: في القلب من بادية الشام تبزغ أمام الرائي آثار مملكة تدمر، وتدمر رمز لملكتها العربية الشهيرة زنوبيا التي كانت مثالاً للمرأة الطموح، تخوض غمار الحروب، وتتحلى بذوق فني أصيل ما ساعدها على الوقوف أمام جبروت روما وعظمتها.
وتقع تدمر على بعد 210 كم شمال شرق دمشق و155 كم شرقي حمص، وزيارة منطقة الآثار (التي تغطي مساحة 6 كم2) تحتاج إلى يوم كامل ليأخذ الزائر فكرة واضحة عن جمال وعظمة الفن التدمري في أوابد هذه المدينة الشهيرة وفي منحوتاتها وزخارفها وأعمدتها الضخمة وأقواسها المهيبة.
وأهم الأماكن في منطقة الآثار هي: معبد بل وقوس النصر والمسرح والآغورا والحمامات والشارع الطويل ومجلس الشيوخ.
كما لا بد من زيارة المدافن الموجودة في ظاهر المدينة، ويستطيع الزائر أن يتمتع بإطلالة بانورامية على الآثار والبلدة وبساتينها والصحراء إذا صعد إلى الهضبة التي تقوم عليها قلعة فخر الدين المعني (من القرن 17).
أما متحف تدمر فهو غني بمنجزات الفن التدمري عبر العصور من منحوتات وفسيفساء ومصنوعات ذهبية وبرونزية وفخارية، كما يضم مشاهد حية من الحياة والفلكلور الشعبي في تدمر والبادية.
ومن أهم ما في تدمر أيضا نبع أفقا فمياهه المعدنية الكبريتية بالإضافة إلى أنها تروي بساتين تدمر كانت لها خصائص علاجية بالغة الأهمية بالنسبة لأمراض الجلد والكبد والصدر والتهاب المفاصل وحالات فقر الدم، كما أنها منشطة للهضم.
* حماة : تقع على ارتفاع نحو 300 متر عن سطح الأرض، وتبعد مسافة 200 كم شمال دمشق وتتربع المدينة متمايلة بأشجارها الباسقة على ضفتي العاصي المعطاء.
يرجع تاريخ المدينة إلى نحو الألف الخامس قبل الميلاد، وسكنتها كثير من الأمم السابقة، وزارها العديد من الرحالة العرب والأجانب.
وتفتخر حماة بأنها تضم الكثير من الآثار وبخاصة القلاع والخانات والأسواق والنواعير والجوامع التي من أشهرها جامع أبي الفداء، وقد بناه أبو الفداء ملك حماة عام 1325م.
وارتبطت شهرة حماة بنواعيرها الفخمة والفريدة التي ترفع مياه العاصي لري بساتين المدينة ورياضها، واسم الناعورة مشتق من نعيرها أي صوتها الذي لا يتوقف على مدار الساعة.
وفي حماة نحو 20 ناعورة. وأقيمت حولها المتنزهات الصيفية الرحيبة.
* حلب: ثانية كبرى المدن السورية، ومزيج 5000 عام من الحضارة والمعاصرة، تبعد عن دمشق 350 كم شمالاً، فتحت وشيدت وهدمت مرات عديدة على أيدي غزاة كثيرين وهي محاطة بالأسوار والأبراج، وحلب بشكل عام غنية بالأماكن السياحية ومن أهمها قلعتها الشهيرة التي أمر ببنائها الأمير سيف الدولة الحمداني، وتعتبر واحدة من أهم الصروح العربية والإسلامية العسكرية من حيث طرازها المعماري الذي يجمع بين الحصانة والجمال وهي أضخم قلعة في العالم حسب موسوعة غينيس للعام 1977م.
كما تزخر حلب بالعديد من المساجد الأثرية والكنائس الفريدة من نوعها، وكذلك الأسواق الشعبية ذات النكهة المميزة، والخانات القديمة وهي بمثابة فنادق بالمسمى الحالي، كما توجد بحلب أربعة متاحف من ضمنها متحف للتقاليد والصناعات الشعبية، وللمدارس التكايا مكانة مهمة في الخريطة السياحية الحلبية وكذلك الحمامات القديمة والبيمارستانات (المشافي) والزوايا والمقامات.
وفي العام 1986 وضعت اليونسكو حلب على لائحة المدن التراثية في العالم شأنها شأن دمشق وتدمر، وهذا ضمن لها حماية عمرانها الهندسي العريق دون التعارض مع حركة التحديث، وتتميز حلب عن غيرها من المدن السورية الكبرى بطعامها اللذيذ وإتقان أهلها فن الطبخ وجودته وتنوعه، كما أنها موطن الموسيقى الشرقية الأصيلة ومنها انطلقت القدود الحلبية المشهورة.
* حمص: ثالثة أهم المدن السورية تقع على بعد 160 كم شمال دمشق، تعود جذورها إلى العام 2300 ق.م. وتفرد جناحيها على ضفاف نهر العاصي وهو الشريان الحيوي للمدينة التي يوجد بها العديد من الأماكن التي يقبل عليها السياح ومنها قلعة حمص وسور المدينة وأبوابها ومساجد أثرية.
ومن أشهر مساجدها جامع النوري الذي يعود إلى القرن الثاني عشر وجامع خالد بن الوليد الذي شيد على ضريح البطل الخالد والأسواق التجارية القديمة والحمامات العامة والكنائس، وأهمها كنيسة أم الزنار (69م) وكنيسة ماراليان (3م). وفي المدينة أضرحة ومقامات عديدة.
جدير بالذكر أن نهر العاصي له من اسمه نصيب، فهو عاصٍ بالفعل لأن كل الأنهار السورية تنبع من الشمال وتصب في الجنوب أما هو فعلى العكس تماماً لذلك سمي بالعاصي.
التسوق في سوريا
تعد سوريا بلداً للتسوق والذكريات وتزود الزائر بذكريات ممتعة عن رحلته في سورية حيث تمكنه من الحصول على مصنوعات محلية وفريدة ومتميزة. أما أهم المصنوعات التي يقبل عليها عادة زوار سورية فهي البروكار الحريري ذو الخيوط الذهبية والفضية والمقصبة والرسوم والتزيينات الفريدة التي اشتهرت بها دمشق منذ زمن بعيد والمصنوعات النحاسية المنقوشة باليد أو المزخرفة والمطعمة بالخيوط الفضية وهي ذات أحجام وأشكال عديدة ولاستعمالات مختلفة إضافة إلى الأقمشة الشعبية القطنية المطبوعة بالقوالب اليدوية الخشبية ومطرزات الصرما بخيوط الذهب التي اشتهرت بها مدينة حماة.
كما تضم المصنوعات قطع الموزاييك المشغول بالصدف والخشب الملون والسجاد الشعبي الملون المصنوع من الصوف على الانوال اليدوية.
وتتميز سورية بالمنتوجات الزجاجية التي يصنعها الحرفيون الشعبيون بواسطة النفخ في أفران الطين والاجر ذات البلور السائل والتي منها الكؤوس والصحون والمصابيح والأواني الملونة.
وتتميز سورية بالحلويات الشهية طيبة المذاق والمصنوعة بأفخر المنتوجات السورية كالفستق والسمن العربي والدقيق, وهي متميزة في جميع أنحاء العالم.
وتعد هذه الصناعات والمنتوجات قيمة تضاف إلى القيم الأخرى التي تجعل من سورية بلداً سياحياً بامتياز يسعى إلى تقديم منتج سياحي رائد على جميع الصعد وفي جميع الأماكن والمواقف.
المطاعم
سوريا معروفة بطعامها ومذاقها الراقي ومصنوعاتها الغذائية التي تصدرها إلى كثير من دول العالم، وإضافة إلى الأكلات المختلفة التي توفرها المطاعم السورية هناك الأكلات الغربية لمن تعوّد عليها أو لمن يشتهيها، أما الماء فهو على درجة عالية من النقاء حيث إن مصدره طبيعي في العادة ويأتي من الأنهار والعيون ومن سفوح الجبال، كما تجري للماء أيضاً عمليات تصفية في منشآت مجهزة بأحدث التكنولوجيا المتخصصة في هذا المجال.
وتقام في سوريا خلال فصل الصيف من كل عام معارض ومهرجانات فنية وثقافية واقتصادية من أهمها:
* معرض دمشق الدولي: يعتبر تقليداً سنوياً يتضمن أجنحة تعرض منتجات من مختلف أنحاء العالم وتقام على هامشه فعاليات ثقافية وفنية رفيعة.
* مهرجان بصرى الدولي: تشارك فيه فرق عربية وأجنبية للرقص والموسيقى ويقام كل عامين على مدرج بصرى التاريخي الذي يبعد عن دمشق 140 كيلومتراً.
* مهرجان دمشق السينمائي: ويقام مرة كل سنتين وتشارك فيه دول عربية وأجنبية.
* معرض الزهور الدولي: ويعتبر تقليداً سنوياً ويقام في حديقة تشرين في دمشق وتشارك فيه دول عربية وأجنبية ومؤسسات وطنية وشركات خاصة.