إن من أهم صفات القائد هي المعرفة الدقيقة بإمكانية كل منهم ووضعه في محله مع الاستفادة من كل إمكانيات الأتباع العقلية والجسمية، إن عبقرية القيادة لا تظهر في شيء ظهورها في معرفة الرجال، ووضع كل في محله، واستخراج طاقات العقول وفي كل من هذ كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - الأسوة العليا للبشر.
أما معرفة الرجال ووضع كل في محله المناسب له وتكليفه بالمهمة التي يصلح لها، فأمر بالغ الأهمية ودلالة عبقرية القيادة وهذا ما تجلّى في شخصية الحبيب - صلى الله عليه وسلم -
فخالد في قيادة الجيوش وأبو بكر وعمر الوزيران وعلي في القضاء وزيد في الفرائض والترجمة وأُبي في حفظ القرآن ومعاذ وابن عباس للعلم والإمامة وعمرو بن العاص أميراً وبلال مؤذناً وهذا الفهم العميق لقدرات الأتباع ومن ثم توظيفها بما يعود على الأمة والفرد بالنفع من أهم صفات القائد ودلالة حنكته وقوة استشرافه وعمقه.
فهل يشك أحد أن تركيز الرسول - صلى الله عليه وسلم - على هاتين الشخصيتين كان في محله، وأنهما من الكفاءة في المحل الأعلى، وأن رأي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهما في محله. وهذان مثلان فقط وإلا فما اختار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً إلا ورأيت الحكمة في هذا الاختيار.
لكل مقام رجال وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر الخلق فراسة في اختيار الرجل المناسب للمقام المناسب.
