منذ نشأتها قبل عشرات السنين، تلعب الوكالة الأوروبية للأدوية (AEM) دورا ثانٍويا بالمقارنة مع نظيرتها الأمريكية وهى إدارة الغذاء والعقاقير(FDA) التي تعتبر الأكثر قوة والأفضل تمويلاً. ولكن قريباً يمكن أن يتغير الوضع. فهناك تشريع جديد سوف يدخل حيز التنفيذ بقوة في شهر نوفمبر وسوف يوسّع من امتيازات الوكالة الأوروبية للصحة بلندن والتي تعتبر مسؤولة عن مراقبة واحترام وتطبيق قواعد الأمن الدوائي على المنتجات الدوائية المختلفة, بل وستتمتع في بعض المجالات الدقيقة، بقوة وسلطة أكبر للقواعد الأوروبية من نظيرتها الأمريكية.
ليس هناك أفضل من هذه اللحظة للبدء. ففي جميع أنحاء العالم، توضع المنظمات القائمة على وضع قواعد الأدوية دائماً تحت المراقبة الدقيقة وذلك بعد عرض سلسلة من التحذيرات التي يجب أن تتبع. ولكن الأمر الذي رفع مكانة الوكالة الأوروبية للأدوية هو اكتشاف شيء يتعلق بدواء الفيوكس (Vioxx) الذي يتم تناوله عادة للصداع والتهاب المفاصل حيث أوضحت دراسات أن تعاطي هذا المخدر يضاعف مخاطر الإصابة بالأزمات القلبية والذبحة الصدرية ويرفع من احتمالات حدوث جلطات دماغية وهو الأمر الذي جعل معمل (ميرك) Merck يسحب تداوله من السوق في سبتمبر 2004م.
وعليه فقد أصدرت إدارة الغذاء والعقاقير بيانا للتحذير من هذا الدواء من خلال موقعها الإلكتروني في 30 سبتمبر وتم ذلك بعد إعلان انسحابه من الأسواق مباشرة ولكن بالنسبة للوكالة الأوروبية فقد تطلب الأمر أكثر من ستة أيام للتفاعل مع الخبر. هذه الوكالة التي كانت تُعرف باسم (الوكالة الأوروبية لتقييم العقاقير) والآن تُعرف باسم الوكالة الأوروبية للعقاقير (AEM) كان لها بعض الشكوك فيما يتعلّق بفاعلية العقاقير التي يدخل في تكوينها أنزيم (cyclo-oxygenase) من النوع الثاني ويعرف (بمانعة إنزيم كوكس2) أي COX -2 inhibitors وهي أدوية مثل الفيوكس وذلك منذ بداية سنة 2003م.
ومع ذلك فعند أول تقييم للأمن الدوائي فإن الوكالة الأوروبية للعقاقير(AEM) سمحت للفيوكس بالتداول مع أربعة عقاقير أُخرى يدخل في تكوينها COX -2 inhibitors منها بيكسترا Bextra من شركة فيزر Pfizer الذي اكتشف مؤخراً أن خطره يتضاعف ثلاث مرات متمثّلاً في حدوث أزمة قلبية أو جلطة دماغية خاصة لدى المرضى الذين يعانون من الشريان التاجي. يحلل جيرمى سميث, منسق الحملات الخاصة ب(عمل الصحة الدولية) وهي منظمة مقرّها في أمستردام قائلاً: إن فضيحة فيوكس توضح عدم فاعلية النظام الحالي كما ان العقاقير الحديثة لا يمكن أن تُروّج بالأسواق إلا إذا أثبتت كفاءتها.
وقت التصحيح
اليوم, وبعد مرور سنوات قامت خلالها (الوكالة الأوروبية للعقاقير (AEM) بتنظيم خطواتها بثبات لتتخطى إدارة الغذاء والعقاقير (FDA)، فهي تريد ان ترأس المعركة التنافسية وذلك لتحسين الوضع الخطر واكتساب ثقة المستهلكين. وبذلك عند نهاية العام، سوف تتمتع السلطة الصحية بلندن بقوة وفاعلية أكثر اتساعاً من نظيرتها بواشنطن. وبفضل القانون الجديد، ستقوم (الوكالة الأوروبية للعقاقير(AEM) بدراسات واسعة بالمعامل الخاصة بالأمن الدوائي لديها وبذلك يمكن أن ترد على تساؤلات حول مدى خطورة أو فاعلية دواء ما خاصة بعد طرحه وتداوله بالأسواق. أما بالنسبة للمجتمعات التي لا تريد الإصغاء إلى تلك القوانين فسوف تتحمل مخالفات شديدة تصل إلى 10% من عائدها السنوي.
وتعلّق ليندا هورتون، مديرة سابقة بإدارة الغذاء والعقاقير (FDA) وهي الآن بالمجلس القضائى ببروكسل ((Hogan AND Hartson قائلة أنه توجد منافسة جديدة وهامة لا تخص إدارة الغذاء والعقاقير (FDA) ولكنها ستوضح التعديل القائم للقانون الأمريكي. رغم أن المعامل على علم بما يحدث، لكن الوكالة الأوروبية يمكنها ان تباشر فوراً عملية عدم تداول دواء سواء إذا تم اكتشاف ضرره أو إذا وجدت تجارب معملية تبيّن أن فاعليته أقل من المعلن عنها، وذلك بخلاف ما تفعله نظيرتها الأمريكية. ويذكّرنا تومس لوجرين، مدير الوكالة الأوروبية للأدوية (AEM)أنه في الماضي كانت توجد حالات قضائية قليلة تدفع الوكالة الي سحب المنتج نظراً لاكتشاف شيء يتعلق بفاعليته.
وسوف يخطط الأوروبيون لعمليات أخرى بشكل أوسع. حيث يمنح التشريع الجديد للوكالة الأوروبية للأدوية (AEM) السلطة ويتيح لها مباشرة عملية تقييم سريعة مرتبطة بعملية تصديق استثنائية لعقاقير محددة يمكن أن تساعد في إنقاذ حياة الأشخاص, كما كانت إدارة الغذاء والعقاقير (FDA) تقوم بذلك. وفى نظير ذلك, سوف يقبل صانع الدواء بعمل دراسات موسعة وعميقة بعد تداوله بالأسواق. ومن جهة أخرى، سوف تقوم الوكالة بفرض مخالفات وهو ليس الحال في إدارة الغذاء والعقاقير(FDA).
مقاومة الضغط
هناك تساؤل يظل قائماً: هل الوكالة الأوروبية للأدوية (AEM) سوف تستفيد من امتيازاتها الجديدة لكي تقتحم مجال كبار مصنّعي الأدوية الدوليين؟ علماً بأن ميزانيتها السنوية التي تقدر بـ144 مليون دولار ممولة أصلاً من 70% من مجموع المبلغ الذي تمنحه لها المعامل, وذلك لكي تفرض سيطرتها وتتحاشى عدم المُساءلة على مدى قدرتها على العمل باستقلالية.
إن نسبة صناعة الدواء تقدر ب 44% من 590 مليون دولاراً تصرفها إدارة الغذاء والعقاقير (FDA) لكي تموّل مركزيها لتقييم الأدوية. ويجزم د. كريستوفر كوب، من المجلة الطبية برسكرير Prescrire، أن الجزء الخاص بالقطاع الدوائي من تمويل وكالة الصحة الأوروبية يتزايد ويصعب عليه أيضاً مقاومة الضغوط. ولكن لونجرين Lonngren ينكر ذلك مع الإشارة إلى أن طريقة التمويل العادي تخضع السلطات الخاصة بالقواعد الدولية ويعترف أنه يجب على الوكالة الأوروبية صراحةً أن تشجع هذا الركب وتنمي عنصر المراقبة التي يعتبر حالياً غير كاف في مجال الامن الدوائي. ويفضل أن تقدم الوكالة الأوروبية للأدوية (AEM) أفضل ما لديها من تجهيزات جديدة. ويمثل 70% الجزء المفترض من ميزانية الوكالة الأوروبية للأدوية (AEM) الذي سيمول عن طريق صناعة الأدوية في سنة 2005م.