|
هل من سبب؟!
|
ألاحظ هجرة متسارعة للأقلام السعودية للعمل في الصحافة العربية التي تصدر في بعض دول الخليج العربية..
ومثلها إعلاميون سعوديون توجهوا للعمل في الفضائيات العربية والخليجية..
***
وتلك ميزة تؤكد كفاءة هؤلاء الزملاء الإعلاميين..
وبأن المملكة قادرة على إنجاب مواهب على هذا المستوى من الكفاءة والمقدرة..
وأن رحمها ولود للقدرات الإعلامية المطلوبة للعمل في سوق وسائل الإعلام على امتداد الوطن العربي..
***
لكن السؤال: لماذا يفضل هؤلاء العمل بعيداً عن الصحافة السعودية ومحطات التلفزة السعودية؟!...
وهل وسائل الإعلام السعودية تعاني من تضخم بشري عددي ونوعي في أجهزتها ولم تعد قادرة على تشغيل المزيد؟!..
أم أن للحالة أسبابا أخرى ودوافع غير معلنة ومبررات تحتاج إلى شيء من فهمها والاستماع إليها..
***
نتحدث عن البطالة..
وعن مشكلة السعوديين الذين لا يجدون عملاً..
فيما يعمل سبعة ملايين شخص في مختلف القطاعات من غير السعودين..
وهناك من يهاجر من الإعلاميين السعوديين للعمل في دول أخرى..
فأين المشكلة؟..
وأين الحل؟..
ومتى؟..
***
لقد لفت نظري ما أقرأه للزملاء في الصحف الخليجية..
وشدني من المتابعة تألق الزملاء في الفضائيات الخليجية التي تبث حواراتها بالاعتماد على الإعلاميين السعوديين..
وتساءلت: هل المناخ الإعلامي هناك غير المناخ الإعلامي هنا؟..
أم أن لهذه الخطوة أبعادها وأسبابها ومبرراتها بما لا علاقة لها بذلك..
***
مرة أخرى، أقول: إنني سعيد بأن أرى الفضائيات غير السعودية تتسابق على الإعلامي السعودي وتغريه..
لكن الخوف من أن تُفرغ الصحف السعودية والقنوات التلفزيونية السعودية من القدرات الأكثر تميزاً في هجرة سعودية غير مسبوقة..
بما ينبغي أن يكون موضع اهتمام ودراسة من المعنيين حتى لا نتحول مع مرور الزمن إلى ظاهرة شديدة التأثير السلبي على مستوى الإعلام السعودي..
***
وبقي أن أذكّر..
أن الصحافة السعودية أحوج ما تكون إلى مثل هؤلاء..
وأن مناقشة الشأن المحلي شديد الخصوصية مكانه الصحافة السعودية وليس الصحافة الخليجية..
وإذا كان هناك من مشكلة فيجب أن تعالج..
وأنا أفترض أن هناك مبررات مقبولة، وإلا لما فضل هؤلاء الصحافة الخليجية على الصحافة السعودية؟..
وهذا ينطبق بطبيعة الحال على من يعمل بالفضائيات الخليجية والعربية من السعوديين ..
***
المملكة كما هو ملاحظ تتصدر وسائل الإعلام العربية بتركيز هذه الوسائل على أخبارها وأحداثها وما يجري من تطورات فيها مقارنة بغيرها من الدول..
بحكم أهميتها الاقتصادية والسياسية وتأثير مواقفها في القرارات على مستوى العالم..
وهي جديرة ولا شك بأن تكون وسيلة جذب لوسائل الإعلام بتركيز برامجها على الشأن السعودي بهدف تشجيع المواطن السعودي على المتابعة والتواصل معها..
لكن وسائل إعلامنا أولى بأن تأخذ بهذا التوجه، وتسبق غيرها في تحقيقه، وهذا يحتاج منا إلى شيء من تفكير وإلى كثير من عمل.
خالد المالك
|
|
| width="68%" valign="top" align="center" dir="rtl">
الأحياء تنكزار سفوك
|
لا أتحدث هنا عن الأحياء والأموات، بل وددت في هذه الأسطر القصيرة التحدث عن الأحياء بشكلها العمراني والهندسي، يعيش فيها أحياء أشبه بالأموات حيث كل شيء متوقف النشاط الحياتي، والحراك الاجتماعي والفعالية الاقتصادية.
فبالرغم من أن دعاة فكرة أن الكرة الأرضية تحولت إلى قرية صغيرة بفضل التكنولوجيا الحديثة وثورة الاتصالات والمعلومات استطاعوا إقناع العالم بهذه الفكرة، وهم ماضون في تعميمها على العقول مهما سطحت خلاياها وعجزت عن الاستيعاب.
لكن الكرة انقسمت إلى كرتين في البداية، كرة جنوبية وأخرى شمالية، ثم انشطر كل جزء على نفسه فولدت مدنٌ داخل أخرى.
مدنٌ تضم أحياء منكوبةً بنكبات العقل والحياة تنتشر على طول محيطها، وتلف أحياءً أخرى تحتضنها وتحميها من البرد وكانت ستستظل بظلها لولا تقزم جدرانها وهشاشة أسقفها.
ينتشر داخل هذه الأحياء الفقر والأوبئةُ، ويحمل أفرادها مورثات الجهل والتخلف، حملوها عن أجداهم الذين تسببوا في مأساتهم يوم عجزوا عن رؤية المستقبل وخسروا في معركتهم مع جيرانهم فاحتلوا الوادي، واحتل منافسهم القمة، فأصبحوا جيراناً غير متكافئين، يلقي الأول بقمامته على الثاني فتستفيد منها قططه وأحياناً أطفاله، ويرد عليه الثاني بنفخات في الوجوه وعلى الأسوار تعبر عن حسرته وتنهده، وينشر رائحته التي كانت ستعميه وتخنقه لولا التقنية الحديثة ونشاط الشفاطات والبخاخات.
يقبع شبابها في الأزقة والزوايا المنسية يشهقون روائح الرطوبة والعفن المظلم ويزفرون دخاناً أزرق يلبد سماء الحي فيولد فرحةً آنيةً، سرعان ما تنتهي ويستفيق أصحابها، ليجدوا كل شيء في مكانه لم يبرح المجال، القارورة المكسوة بالرماد والأقنية المفتوحة للجميع، والسقف الحديدي المموج كما هو لم يستو سطحه بعد، تجاعيد وجوه الأمهات والأرامل، والعجزة ما زالوا يسيرون على عصيهم، والكتابات ما زالت على الجدران تندد، وتسخط، وتسقط لكنها لا تفعل شيئا ولا تغير من المعادلة شيئا.
تزورهم البعثات الدولية، يدبج أعضاؤها التقارير ويعودون إلى مؤتمراتهم ليملؤوها صخبٍا وعويلا على حال وأحوال إخوتهم وأخواتهم، ووكالات الأنباء تبيع أخبارهم بأغلى الأثمان، والصحفيون المشاكسون يسطرون مأساتهم بأقلامهم فتنبعث رائحة التشويق من بين الأسطر، وتصل الإثارة إلى أوجها.
لكن يغيب عن الزيارة الأخصائيون الاجتماعيون والمشخصون، فقد كانوا أملنا، وربما تكون على أيديهم النجاةُ والعلاج.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|