تتلخص وقائع هذه الدعوى - حسبما استبان من سائر أوراقها والتحقيقات التي أجريت فيها - في بلاغ تقدَّم به أحد المواطنين بأنه قد اصطدم بسيارته بأحد صناديق الكهرباء التابعة لشركة الكهرباء وقد أرسلت الشركة مهندساً لمعاينة العطل بسيارة الشركة، وقد قام المهندس بفصل التيار الكهربائي عن المنطقة وطلب من هذا المواطن أن يركب معه لاتخاذ باقي الإجراءات وفي الطريق طلب منه أن يدفع له مبلغاً من المال على أن يتولَّى هو إصلاح العطل واتخاذ باقي الإجراءات نيابة عنه بدلاً من أن يأتي معه لما في ذلك من مضيعة لوقته فوافق على ذلك واقترض هذا المبلغ من شخص قابله مصادفة وأعطاه المبلغ المذكور ونزل من السيارة، ولكن لمّا لم يتم إصلاح العطل في يومين أو ثلاثة أبلغ بالأمر، حيث تعرَّف على المتهم وأعيد له المبلغ بمعرفة المدير وتم إصلاح العطل.
ولم ينته الأمر عند هذا الحد، إذ قدَّم مسئول بالشركة تقريراً عن الواقعة جاء به أن المهندس المتهم أحضر المبلغ لإعادته إلى المُبلِّغ وقد اعترف المهندس باستلامه هذا المبلغ فعلاً.
وقدّم للمحاكمة بتهمة أخذ مبلغ من المواطن المشار إليه كرشوة للإخلال بواجب من واجبات وظيفته. وبمواجهة المتهم أنكر ما أسند إليه وعلّل ذلك برغبته في حل الموضوع ودياً. ومن حيث أن الثابت من أقوال المُبلغ في بادئ الأمر أنه سلّمه المبلغ بعد أن اقترضه من شخص يعرفه وكان الحديث يدور بينه وبين هذا المتهم فإنه والحال هذه، وهو وإن كان قد عرض المبلغ على المُبلغ بعد ذلك فإن الهيئة تطمئن إلى قوله بأنه كان يرغب في إنهاء الموضوع، وكانت الواقعة أيضاً بالنسبة للمتهم مشكوكاً في صحتها من حيث قول المُبلغ أنه اقترض المبلغ من شخص قابله مصادفة وهو يركب معه سيارة الشركة بما لا يتفق مع طبائع الأمور، فإنه والحال هذه تكون الواقعة برمتها محل شك بما لا يوفر القناعة بإدانة المتهم.
وبناءً عليه حكم بعدم إدانة المتهم بجريمة الرشوة المنسوبة إليه لعدم كفاية الأدلة، وبهذا يكون الحكم قد أكد مبدأ راسخاً وهو أن الشك يفسر دائماً لمصلحة المتهم، ويوضح مدى عدالة القضاء في المملكة - جعلهم الله عوناً لكل مظلوم .