هي امرأة شابة وجميلة تنتمي إلى أسرة طيبة عريقة وهذا كان سبباً في أن يختارها أحد رجال الأعمال الأثرياء زوجة له.

ولكن زواجها لم تطل فترته حيث توفي زوجها وورثت عنه ثروة طائلة، لكنها كامرأة في مجتمع شرقي لا تستطيع أن تحصل على ميراثها لعدم قدرتها على الخروج إلى حيث توجد هذه الأموال التي تمثلت في عقارات وشركات وأموال سائلة سواء كانت لدى البنوك أو في مجالات الاستثمار المختلفة التي كان زوجها مشاركاً فيها، فلجأت إلى شقيقها لكي يقف معها لنيل حقوقها؛ حيث إنه الأخ الوحيد الباقي لها بعد وفاة والدها، وهنا اقترح عليها هذا الأخ أن تعمل له توكيلاً عاماً شرعياً يكون فيه حق التصرف والبيع والرهن واستلام الأموال والصلح والتنازل عن الحقوق بل كافة التصرفات الشرعية والنظامية بلا أدنى قيد عليه، ولم تمانع المسكينة على اعتبار أنه أخوها الشقيق الذي يحرص على مصلحتها، ووكلته عنها فعلاً وفقاً لما اقترحه عليها، وبقيت الأخت في بيتها تنتظر ما ستحصل عليه من أموالها التي وكلت شقيقها في استحصالها وتسليمها إليها، فضلاً عن ريع العقارات وعوائد الاستثمار، لكن شيئاً من ذلك لم يحث وطال انتظارها وساورها الشك عندما انقطع هذا الأخ عن زيارتها أو السؤال عنها وحاولت الاتصال به لتسأله عن سبب هذه القطيعة ولتطمئن على سير الأمور، لكنه ينكر نفسه ولا يرد عليها وكلما سألت زوجته أو أولاده عن سبب ذلك كانت إجاباتهم لها أنه مسافر أو مشغول بأعمال تستغرق وقتاً طويلاً.

وبعد بضعة شهور قضتها هذه المرأة في قلق وشك وريبة حدثت المفاجأة الكبرى، فقد طرق عليها باب فلتها التي تسكن بها والتي كانت ملكاً لزوجها وورثتها عنه بعض الأشخاص يطلبون منها إخلاء الفلة لأنهم اشتروها وحل ميعاد تسليمها، وكان وقع المفاجأة عليها وقع الصاعقة ووقعت مغشياً عليها ونقلت على أثر ذلك إلى المستشفى لإسعافها من هذه الصدمة العصبية، وبعد أن تماثلت للشفاء أدركت وأيقنت أن هناك شيئاً قد جرى في الخفاء، فاستشارت مكتب محاماة محترم ليتحرى الأمر فتبين أن الأخ قد تصرف في كل أموالها بموجب التوكيل وغاب عنه ضميره ولم يبال ببيع فلتها التي تسكنها وأصبحت الأخت المسكينة تجوب أروقة المحاكم بحثاً عن ثروتها الضائعة.

ومن هنا ننصح كل مقدم على توكيل الغير نيابة عنه أن يحدد في التوكيل المهمة التي يرغب التوكيل فيها وحدودها وموعد انتهائها، وألا يقدم على التوكيل العام المطلق إلا في أضيق الحدود في المسائل التي لا تهدر حقوق الموكل كاملة وأن يستشير الموكل أهل الخبرة قبل أن يقدم على التوكيل.

والله ولي التوفيق