فتحت التقنيات الجديدة التي تمنح الانسان السيطرة على الكمبيوتر من خلال الحواس والعقل أبوابا واسعة أمام ابتكارات في غاية الأهمية. ويتحدث العلماء حاليا عن صناعة أنظمة لقيادة الطائرات والسيارات والقطارات مثلا من خلال الدماغ! فما هي هذه التقنيات؟ وكيف تعمل؟ وما الفرص التي تمنحها للجنس البشري؟
سنلقي في هذا التقرير الضوء على واحدة من هذه التقنيات، وهي السيطرة على الكمبيوتر بواسطة العين وإشارات الدماغ، هذه التقنية ليست جديدة كليا، وهي تعتبر نتيجة تراكمية لعدد من الاكتشافات السابقة، وتم تمويل أبحاثها من مؤسسات عسكرية عامة وخاصة حول العالم.
الجديد حاليا في هذه التقنية هو دمجها بأجهزة كمبيوتر للاستخدام التجاري، أي أنها ستصل إلى الأفراد بعد سنوات من اليوم.
قريباً، سنتمكن لدى وصولنا إلى منزلنا بعد يوم عمل مضن من فتح الباب الخارجي بمجرد النظر إلى قفل الباب. فالقفل سيحتوي كاميرا تقرأ شيفرة موجودة داخل العين وبالتحديد في القزحية. ومن زار دولة الامارات في الفترة الماضية يعرف ان في مطار ابو ظبي وغيره أجهزة خاصة بتسجيل المعلومات الموجودة داخل حدقة العين للاستخدام في المجال الأمني. أقفال الأبواب ستعمل بالتقنية ذاتها، إنما لأهداف أخرى. ومن المعروف ان قزحية العين البشرية هي (بصمة) أهم من بصمة الإبهام، كونها تحمل مزايا وإشارات لا يمكن ان تتشابه لدى اثنين في العالم (من حيث المبدأ). وإن ذكر استخدام هذه التقنية في مجال أقفال الأبواب هو مثل من آلاف، لأنه مع تجهيز أي معدات كهربائية بهذه التقنية يصبح في الإمكان السيطرة عليها بواسطة النظر فقط.
وفي مجال النقل البري والجوي تعمل شركات على اجراء دراسات تتعلق بالقيادة بواسطة العين. ويقول أحد الخبراء الذين يعملون على تطوير هذه التقنية: إن الأبحاث وصلت إلى مرحلة متقدمة، وبات يمكن مثلا فتح قفل باب السيارة ثم تشغيل المحرك وتوجيه القيادة بواسطة العين. ويصف البعض سيطرة الانسان بواسطة عينه على الأجهزة كأنه يستخدم (الماوس) mouse في الكمبيوتر، أينما تتجه العين سيتجه تركيز الكمبيوتر. ومع استخدام هذه التقنية على شاشة الكمبيوتر المنزلي تمكنت بعض الشركات من إتاحة المجال أمام تنفيذ الأوامر الآتية بواسطة العين:
تشغيل الكمبيوتر، فتح البرامج، كتابة النصوص، الرسم وغيرها من الاستخدامات.
المجال العسكري منذ أعوام تحدثت بعض المصادر الصحافية عن إجراء وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) تجارب ناجحة على توجيه طائرة مقاتلة من نوع F16 ضمن برنامج (محاكٍ) Simulator خاص بالطائرات القتالية، بواسطة التفكير والعين. وتوصّل الخبراء المسؤولون عن هذا النظام إلى وضع أقطاب كهربائية على نقاط محددة على الرأس ترصد الإشارات فوق نقاط محددة وتلتقطها. ويقول أحد أعضاء فريق العمل: إن الإنسان يبث إشارات في نقاط محددة على رأسه لدى التفكير في أمور معينة. فعندما يريد التفكير بجهة اليمين تتحرك إشارات خاصة على نقطة محددة على رأسه، وينطبق ذلك على عدد من حالات التفكير، وقد استفاد العلماء من هذه الحالة بتحضير نظام ملاحة يتيح لقائد الطائرة قيادة طائرته وتوجيهها أثناء التحليق بواسطة التفكير.
ومع أن هذه التقنية لم تصبح بعد في الخدمة ضمن أي من قطع سلاح الجو في العالم إلا ان عدداً من الجيوش يراهن عليها. وسبب المراهنة على هذه التقنية أنها تفتح الباب أمام الجيوش لتوفير نظام قيادة طائرات آمن مئة في المئة. فإذا تمكن قائد الطائرة من قيادة طائرته بواسطة التفكير ما الذي يمنع من قيادته الطائرة دون مغادرته مكتبه؟
وبهذا سيتمكن سلاح الجو من القيام مثلا بحملة قصف جوي لأهداف بواسطة طائرات يقودها مئات الطيارين الموجودين في مكاتبهم!
ذوو الحاجات الخاصة
يعاني بعض ذوي الحاجات الخاصة عدم القدرة على فتح الأبواب وقيادة السيارات واستخدام الكمبيوتر وغيرها الكثير من الحالات، مع وضع تقنية التحكم بواسطة العين والدماغ ستتمكن نسبة هائلة من مجموع اصحاب الحاجات الخاصة في العالم من العيش بأسلوب أكثر سهولة، مما يتيح لهم المشاركة في الحياة الطبيعية والمساهمة في بناء المجتمعات والإنتاج وسيكون لهذا أثر اقتصادي واجتماعي كبير.
وفي حالات عدة سيتمكن من لا يعانون الإعاقات الجسدية من تعظيم قدراتهم، وبهذا المعنى نكون كلنا اصحاب حاجات خاصة! إذ سيصبح في إمكاننا القيام بأعمال كانت سابقا مستحيلة جسديا، لأن استخدام إشارات الدماغ لا حصر له، وخصوصا مع الاكتشافات اليومية في عالم المعلوماتية.