* استطلاع - سعيد الحسيني
صار الجوال ضرورة من ضرورات المجتمع، ونادرا ما نجد أشخاصاً لا يمتلكونه، لذلك فإن تكلفة مكالمات الجوال أصبحت أحد المصادر الرئيسية للصرف في ميزانية كل فرد، وأصبح أمرها هاما بالنسبة للناس خاصة أنها تأخذ حيزا كبيرا من الدخل، لكن المشكلة هي أن جزءا كبيرا من مستخدمي الجوال من فئة الأطفال والمراهقين، الذين يستخدمون الجوال بلا وعي أو إدراك لعواقب هذا الاستخدام غير المرشد، مما يدخل أهلهم في حرج المصروفات الزائدة التي ربما تكون فوق استطاعتهم وإمكانياتهم. وهناك فئة من الناس ذكوراً وإناثاً وشباباً وشيبا، جعلوا الهواتف عموماً والجوال خصوصاً سبيلا للعبث والاستخدام السيئ.
وتعد مشكلة الإسراف في استعمال الهاتف الجوال من الظواهر السيئة في المجتمع، كوننا عندما توجد أية تقنية لا ندرك كيفية التعامل معها، خصوصا الحديث في الجوال الذي يجب أن يكون مختصرا حتى لا ترتفع تكاليفه، فهناك حديث فقط للتسلية والنقاش يدور عبر الجوال وهذا يمكن الاستغناء عنه بالحديث وجها لوجه، كما أننا تركنا الجوال في أيدي الأطفال، وكل القضية أصبحت قضية مظاهر ورياء، فتجد في البيت أكثر من جوال رغم أنه ليس هناك أي داع لها، كذلك وجود المادة بصفة مستمرة بيد الشباب يكون سببا في الصرف الكثير عبر الجوال، فالعملية بالفعل عملية إسراف واضح، والشخص هو الذي يجني بذلك على نفسه.. فلو عرفنا كيف نستفيد من الهاتف وكيف نستخدمه لأصبحت التكلفة عادية ومعقولة.
وهكذا نجد أن الفاتورة الشهرية للجوال تستحوذ على اهتمام كبير من مستخدمي الجوال وخاصة جيل الشباب الذين يقضون أوقاتا طويلة في إجراء المحادثات الهاتفية, ثم يتفاجؤون من القيمة التي يجب عليهم تسديدها حيث تصل أحيانا إلى نصف دخلهم الشهري. فما الأسباب التي تجعل المستخدمين يشتكون من الفاتورة؟
حد ائتماني
يقول عبدالعزيز الغامدي، إن تخفيض رسوم الفواتير دفعه إلى الاعتقاد أن الفاتورة ستقل قيمتها مهما تحدث بالجوال لأن الرسوم السابقة كانت مكلفة, فراح يتحدث في جواله لأوقات طويلة.. قبل أن ينتبه أن حساباته غير دقيقة، وأن مبلغ الفاتورة أكثر من 2700 ريال. لذلك قرر أن يضع حدا ائتمانياً بألفي ريال شهريا ليتمكن من تسديد فواتير الجوال التي استنزفت منه الكثير.
فيما يرى أحمد المنصور أن معظم المستخدمين لا يستخدمون الجوال وفق الضرورة، فأغلب الأحيان يكون استخدامهم للتسلية والعبث وكأنه وسيلة من وسائل الترفيه لدى الكثير من الشباب, ثم يدفعون آخر الشهر مبالغ طائلة سدادا لفواتيرهم.. ولكنه يبدي امتعاضه من أن الرسوم المقررة للهاتف الجوال (لا تزال مرتفعة برغم التخفيض الأخير إذا ما تمت مقارنتها بالدول الخليجية الأخرى).
المعاكسات السبب
ومن جهته يشير عبدالله الشهري إلى أن المعاكسات هي التي دفعت الكثير من الشباب لاستهلاك هذه الفواتير المكلفة فيقول: الكثير من الشباب يقضون معظم أوقاتهم في الجوال بسبب المعاكسات، وهذا بحد ذاته مشكلة.. ويضيف: (إن المعاكسات في الحقيقة هي السبب.. أعتقد أن 75% من الشباب يستهلكون الوقت في الجوال بهدف المعاكسات الباقي لأسباب أخرى تتعلق بالأهل والأصدقاء والعمل.. وقد وصلت فاتورة جوالي سبعة آلاف ريال لشهر واحد!! وبعدها قطع عني الجوال نهائيا لعدم استطاعتي تسديد الفاتورة.
أما عبدالعزيز المطيري فيعتقد أن السبب ليس بعيدا عن التفاخر والمباهاة ويتساءل: (ما الأمور المهمة التي تستهلك ربع رواتب الشباب شهريا.. ومن هو هذا الذي يتحدث بالساعات يوميا في جواله؟)
كثرة الأشغال
ولكن إياد السليمان يناقضه في ذلك ويقول: (السبب هو كثرة الأشغال اليومية التي يقوم بها الناس فهي السبب الرئيس وراء هذه الفواتير المرتفعة، إضافة إلى دخولنا عصر السرعة وكثرة الأعمال التي لا تحتمل التأخير.. ففي اليوم الواحد ربما تصل المكالمات إلى 30 مكالمة ما بين الأهل والأصدقاء إلى جانب مكالمات الضرورة والأعمال المهمة وكل مكالمة لا تقل عن ريالين على اقل تقدير.. وهكذا تتراكم المبالغ.. ونجد قيمة الفاتورة المستحقة مرتفعة)
ابحث عن المرأة
أما (عبد المجيد العتيبي) فيصب جام غضبه على النساء ويحملهن مسؤولية ارتفاع قيمة فاتورة الجوال ويقول: أغلب اتصالات النساء غير مفيدة، كأن تكون في السوق وتتصل على زميلتها وتقول لها أنت في أي مكان، وكذلك في الجامعات تفصل بين الفتاة وصديقتها عدة أمتار فتتصل عليها لتسألها أين المحاضرة الآن) ويضيف: (أما ارتفاع الأسعار فهو مؤثر بالنسبة لشريحة معينة من الناس، والبعض لا يكترث لها).
الأسعار ليست مرتفعة
وفي الإطار نفسه يقول عماد كريدي: (تسعيرة الهاتف ليست بالمرتفعة، بل مناسبة لأغلب طبقات المجتمع، ولكن هناك إسرافاً في استعمال الهاتف من بعض الأفراد، ولو استخدم الشخص الهاتف للحاجات الضرورية فقط لما كان هناك ارتفاع في الفاتورة، وإذا كان يستخدم الهاتف بإسراف فهذا يعني أنه يملك قيمة ما يأتيه في الفاتورة، أما إذا لم يكن عنده الاستطاعة فيجب أن يقتصد في الاستعمال). ويوافقه في ذلك سلطان المعجل فيقول: (الإفراط في استخدم الجوال هو السبب في زيادة الفاتورة، لأن الشخص يتصل في أشياء غير ضرورية، لمجرد السلام والحديث العادي، ويفترض أن يكون الحديث في أشياء ضرورية ومهمة، أما التسعيرة فهي جيدة جدا).
ومن جهته يحمل محمد القحطاني بعض موظفي شركة الاتصال بعض الأحيان مسؤولية عن ارتفاع فواتير الجوال فيقول: (هناك بعض المشاكل التي نرجو أن تعالجها شركة الاتصالات، ومنها كثرة الأخطاء في الفواتير، ونكون نحن ضحيتها ونضطر لسداد المبالغ التي تحملها، ومن المعاناة أيضا ما نراه من سوء تعامل بعض الموظفين).
الرسوم باهظة
وفي الحقيقة أن ارتفاع قيمة الفاتورة يمكن أن يعود لسببين هما إساءة الاستعمال وغلاء التسعيرة، وإذا أجرينا مقارنة بالدول المجاورة نجد هناك فرقا شاسعا في أسعار المكالمات بيننا وبينها، حتى الدول الأضعف ماديا مقارنة بالمملكة، ومع ذلك نجد هناك تسعيرة غير مقنعة، لذا من المفترض أن يكون السعر لدينا أقل، فالرسوم التي تؤخذ شهريا حتى لو العميل لم يستخدم الهاتف، هي رسوم مبالغ فيها، طبعا هناك إسراف في الاستعمال، فالكثير يتحدث عبر الجوال في أمور لا تستحق، كما أن الجوال أصبح سهلا بيد المراهقين وغير ذلك، قد تسعيرة المكالمات عادية، لكن الرسوم الثابتة هي المشكلة. صحيح أن شركة الاتصالات قامت بإجراء بعض التخفيضات مؤخرا، مما ساعد المشتركين، ولكن مطلوب منها أيضا بزيادة نسبة التخفيض، علاوة على أن الشركة تأخذ مبلغ 90 ريالا كل شهرين بدون مقابل من الخدمات، فهذا ليس له لزوم.