إذا كان (الجوال) يحمل أكثر من تسمية في أكثر من بلد عربي فإن له في السعودية ميزة تفاضلية إضافية تتبدى فيما يطلق عليه من (ألقاب) تكاد تطال كل أنواعه، ولا شك أن لهذه الظاهرة دلالات كثيرة تهدف إلى تسهيل التعريف بالجهاز والترويج السريع له، ولما يتميز به من صفات وتقنيات متطورة.
وهنا يستعير بعضهم قاموس اللغة العربية بما تكتنزه من تشابه ودلالات ليطوّعه في الترويج لخدمة الجوال.. (فالزعيم) لم يعد ذاك القائد الفذ في السياسة بل هو جهاز نوكيا رقم 7610، و(الشيطان) هو ليس ذاك الرجيم الذي نتعوذ بالله منه بل هو جهاز نوكيا رقم 6680 بحسب ما يطلق عليه بعض سكان مدينة الرياض فيما يطلق عليه البعض الآخر لقب (الواصل)!
نوكيا تحتكر الأسماء
والمتتبع لحركة بيع وشراء الجوالات يلاحظ خصائص محددة واضحة إذ تبرز شركة (نوكيا) كسيدة أولى تترأس سوق المبيعات في السعودية، ومن علامات انفرادها أن جوالاتها هي التي تتصدر الألقاب المتداولة بين الناس، وفي هذا الإطار يقول (إبراهيم عطية) وهو مهندس يعمل في مؤسسة الحارثي للاتصالات: (إن سبب انتشار نوكيا - فضلاً عن الدعاية وباقي الوسائل الإعلانية المعروفة - هو ظاهرة أسماء وألقاب الجوالات بما يعنيه اسم الهاتف من تضخيم وترويج..).
ويظهر عطية ما في ذاكرته من أنواع وأرقام هذه الهواتف مع ما يقابلها من ألقاب لها علاقة مباشرة بشكل الهاتف وما يتميز به من مواصفات، فيقول: (إن هاتف نوكيا (1100) اسمه الكشاف لأنه في الأساس يتحلى بميزة الكشف، وهاتف نوكيا (3100) يسمونه الساهر لأنه أثناء الظلمة يظهر ذبذبات فسفورية تعطي إضاءة وهكذا نوكيا (3120) يسمونه الساهر المطور أو الدلوع لأن له مواصفات تقترب كثيراً من الاسم الذي يطلق عليه.
لكل لقب قصة!
غير أن مسألة إطلاق الأسماء أو الألقاب لها علاقة وثيقة أيضاً بالوقت الذي أطلقت فيه الهواتف في الأسواق والجو العام المهيمن في ذاك الوقت وأحيانا تكون المسألة مرتبطة بالشخصية التي أطلقت هذا الجهاز خاصة إذا كانت تتمتع بشهرة واسعة، مثلاً فإن سبب تسمية جهاز نوكيا (الزلزال) هو زلزال إندونيسيا وإعصار تسونامي، لأن هذا النوع من الأجهزة طرح في الأسواق متزامنا مع تلك الأحداث.. وأحياناً تلقب الجوالات على أسماء الأندية كما هو حاصل مع (الزعيم) مثلاً وهو جهاز نوكيا ،7610 وربما يكون من أطلق عليه هذا الاسم - بحسب ما يروي البعض - هو أحد مشجعي نادي الهلال!
ومع أن هواتف (سامسونغ) نادراً ما تطلق ألقاباً على أجهزتها إلا أن لها جهازين تحت تسميتهما عرفاناً بأسماء من أطلقوهما في الدعاية الترويجية نظراً لشهرتهما الواسعة وهما (الساهر) و(أصالة)..
وبهذا المعنى نرى أن جهاز نوكيا 2300 أطلق عليه اسم (ستار أكاديمي) لأن وقت إطلاقه في الأسواق تزامن مع وقت عرض البرنامج على إحدى شاشات التلفزيون، كما أنه على سبيل الطرفة تم إطلاق لقب (الصحاف المطور) على جهاز نوكيا 6822 نظراً لأنه يتمتع بميزة تقليب الشاشة، وفي هذا دلالة على تقليب مواقف الصحاف، وذلك بحسب ما يرى مطلقو هذا اللقب على ذاك الهاتف!
والأسماء تبدأ ولا تنتهي خصوصاً أنه مع كل موسم يتم إطلاق عدد من الجوالات الجديدة وبالتالي تكون هناك أسماء إضافية على لائحة الانتظار وعليه يمكن الاستنتاج بأن الأسماء في ازدياد مطرد.. ومن الأسماء التي لها قصص ذات دلالة أيضاً نوكيا 6270 الذي تزامن إطلاقه مع رواج أغنية (الأماكن) لمحمد عبده فحمل هذا الجوال اسم الأغنية ثم تلاه نوكيا 6280 فسمي أيضاً (الأماكن المطور) وهناك جوال نوكيا 7370 النسائي الشفاف الذي أطلق عليه لقب (دلع بنات) تماشيا مع الأغنية الخليجية المعروفة، يضاف إلى سلة الألقاب هذه جوال نوكيا 2600 الملقب ب(الرمانة)، وكذلك نوكيا 3220 الملقب ب(البرتقالة) وفي ذلك إشارة إلى الأغنيتين الشهيرتين، وهناك أيضاً نوكيا 5140 الملقب ب(الغطاس) لأنه مقاوم لتسرب الماء إليه..
براعة تسويقية!
وأيا تكن خلفيات إطلاق هذه الألقاب على أنواع الجوالات فإنها دون أدنى شك فكرة ذكية وناجحة، وقد أثبتت أهميتها بل وضرورتها على مستوى الترويج والبيع إذ إنه وببساطة شديدة هناك الكثير من الجوالات المتشابهة التي تصدرها الشركات بأرقام تشفيرية مختلفة يصعب حفظها ، وأن مسألة إطلاق لقب بدل الرقم على هذا الهاتف أو ذاك إنما يوحي بأمور كثيرة منها (التميز) أو حتى (الانتماء) ويصل الأمر أحياناً إلى أن حامل الهاتف المعين (يتقمص) بعضاً من المميزات المهمة لهاتفه (الفارس) مثلاً وفي هذا جنوح نحو العلا - ربما - وهناك (الأباتشي) أو (الهمر) وفي ذلك دلالة على القوة والبأس الشديد! ومن ناحية أخرى فإن مسألة انطباق الشكل على الاسم يساعد أيضاً حفظ الهاتف في الذاكرة وقبوله بشكل أفضل، ومن ذلك هاتف (الباندا - الجسمي) و(الدمعة) و(القلم) وغيرها كثير..
تصنيفات ناجحة وإصدارات جديدة!
وتجدر الإشارة إلى أن مسوقي الجوالات عموما ومن ضمنها مجموعات نوكيا على وجه الخصوص نجحوا في تصنيف المجموعات إلى فئات لتسهيل إقناع المشتري باقتنائها كل بحسب ذوقه وميوله، وفي هذا الإطار يقول (محمد عبود) وهو صاحب محل لبيع الجوالات في سوق الاتصالات ان الأرقام التي تبدأ ب1 - 2 - 3 من نوكيا يعتبر من (الفئة التعبيرية)، أما الرقم الذي يبدأ ب5 فهو (للفئة الرياضية) والرقم 6 هو (للفئة الكلاسيكية) ذات المظهر الرصين، أما التي تبدأ بالرقم 7 فهي (فئة الأناقة) وفيها (دلع) وتعتبر نسائية بمعظمها والمجموعة التي تبدأ بالرقم 8 هي (فئة الفخامة) أما الرقم 9 فهو لأجهزة (الكمينيكايتر) أو الجوالات المجهزة لتعمل أيضاً كحاسب آلي..ويضيف محمد عبود أنه إضافة إلى الجوالات الكثيرة التي اشتهرت بألقاب هناك اليوم مجموعات جديدة طرحت حديثاً في السوق اشتهرت باسم واحد فقط وهيN series وE series ومن أحدث الجوالات في هذه المجموعات من نوكيا N73 وN93 وN95 وN83 وهناك أيضاً الجوالات (الرياضية) 5300 و5200
جولة آراء
وفي استطلاع لآراء أصحاب محلات بيع الجوالات يقول عبدالله يوسف: (إن أغلب زبائننا من الشباب وهم عادة يأتون إما لشراء الأجهزة أو لتنزيل البرامج الجديدة والنغمات على أجهزتهم أو يقومون بتحديث الذاكرة بزيادة حجمها من أجل استيعاب أكبر قدر من البرامج ومقاطع الفيديو والنغمات وخاصة نغمات الأغاني التي يتبادلها الشباب بكثرة فيما بينهم، عبر خدمة البلوتوث). وأضاف يوسف ان القرار بالسماح بجوالات الجيل الثاني ومن ثم الثالث الذي يحتوي على كاميرا وبلوتوث كان ضرورياً لأنه في كل الأحوال كان الناس يشترونها وكانت متداولة بينهم رغم المنع ولكنها كانت متوفرة بسعر غال آنذاك بسبب التهريب واختفائها عن أعين التفتيش.
وتطرق يوسف إلى تسمية الجوالات فقال: (هذه الأجهزة تأتي من بلدها بأرقام فقط، أما الأسماء فالزبائن هم من يطلقون بحسب شكل الجهاز أو مناسبة إطلاقه في الأسواق (كالدمعة أو الفارس أو الهمر والزلزال) ومن ثم ينتشر في السوق بهذه الأسماء، وقد تختلف الأسماء من منطقة لأخرى والسبب هو عدم وصول التسمية للمنطقة الأخرى وبالتالي يسميه أهل تلك المنطقة اسما جديدا آخر مثل: (الهمر) وهذه تسميته في الجنوب بينما يسمى في الرياض (أباتشي)، والجهاز الذي يسمى في الرياض (الساهر) يسمى في الجنوب (العنيد 7). والمفارقة بحسب ما يقول عبدالله يوسف: (إنه قد يأتيهم أشخاص يدفعون مبلغا من المال مقابل أن يسمي أحدهم الجهاز الجديد الذي ظهر في الأسواق حديثاً، من أجل أن يفتخر الشخص بذلك ويتداول اسمه بين شلته والناس..)
سامر وهو بائع في أحد محلات الجوالات بالمرسلات يقول: (إن زبائن الجوال يختلفون حسب الحالة المادية فأغلب السعوديين يبحثون عن أجهزة الجيل الثالث الجديدة ويستفسرون عن برامجها وألوانها وأشكالها وأحجامها وهم يهتمون قبل الشراء بمعرفة شركات الضمان لهذه الأجهزة، أما أغلب المقيمين فإجمالاً يشترون الهواتف العادية أو المستخدمة إلا في حالات معينة واستثنائية إذا ما كانوا من ذوي الدخل المرتفع.
بدوره أكد جهاد موصلي وهو زبون شبه دائم في سوق الاتصالات أن كل ما يهمه هو الجديد فقط، وأن يكون مختلفا عن غيره، وأوضح أنه دائما يشتري كل جهاز جديد يظهر، ولكن لا يستعجل في شرائه إلا بعد أن يرى من اشتراه قبله ويعرف مميزاته وسلبياته ثم يشتريه، ولا يفوته البرامج والنغمات المميزة.
ويضيف جهاد انه الآن مغرم بجوالات الجيل الثالث G3 وN series لأنه بذلك لا يتعامل مع جهاز عادي بل مع حاسوب متكامل يتميز بجميع التقنيات والتطورات الحديثة التي تبهر المشتري مثل خدمة البلوتوث والوسائط المتعددة MMS والفيديو ونقل البيانات إلى الحاسوب عبر الواب والجوال نت،
ويتابع جهاد منبهراً: (أكيد ان الآتي أروع)..!