Culture Magazine Thursday  14/02/2013 G Issue 396
تشكيل
الخميس 4 ,ربيع الثاني 1434   العدد  396
 
محطات تشكيلية
فنان الخيل والبيداء والمرأة .. فائق حسن
ألوانه من تراب أرض العراق مبللة بمياه دجلة والفرات
إعداد: محمد المنيف

 

لا يمكن أن نعرف ما نحن عليه من مستوى في الفن التشكيلي العربي عامة إلا بعد أن نعود للجذور وإلى الرواد وأصحاب البدايات في أي قطر من أقطار وطننا العربي قاطبة، هذه العودة والبحث واستحضار الماضي يؤكد ما هي عليه الفنون الحالية وما كانت عليه في بدايات انطلاقتها، وهذا أمر مهم يجب عدم إغفاله أو تناسيه في خضم هذا التحرك السريع من الأجيال الجديدة المتتابعة بدءا بأولئك الذين حفروا في الصخر لإثبات وتأكيد أهمية الفنون التشكيلية في زمن لا يجد الفنان فيه من يقدر عطاءه إلا من المؤسسات الرسمية وفي أضيق الحدود كمعلمين للرسم وليسوا كفنانين تشكيليين يسعون للمنافسة العالمية بنقل تراثهم وثقافتهم إلى العالم، عبر سبيل بصري يحظى باهتمام العالم.

واليوم يسرني أن أقدم أحد عمالقة الفن العربي من العراق الشقيق تعدت شهرته المحلية في العراق إلى العالم العربي ثم إلى متاحف العالم فنان عشق تراثه وانغمس في أبعد نقطة من الواقع الجميل في البيئة الثابت منها أو المتحرك طبيعة الأرض وحياة الإنسان.

فنان الخيل والبيداء

الفنان العراقي فائق حسن المولود في بغداد عام 1914. درس في فرنسا عام 1938. وكان له مع البروفسور روجيه موقف تمثل في أنه قدم له نماذج من أعماله حينما ابتعث للدراسة في فرنسا فقرر البروفسور قبوله فوراً، وبعد تخرجه من (البوزار) في فرنسا عام 1938 اشترك في نفس العام في العديد من المعارض في بغداد وبيروت والكويت ومصر والجزائر والمغرب وأمريكا كما أسس مع المرحوم جواد سليم. فرع الرسم في معهد الفنون الجميلة عام (1939 -1940) تخرج من البوزار عام 1938.أسس جماعة الرواد عام 1950 وشارك في معارضها حتى عام 1967 حيث ساهم في تأسيس جماعة الزاوية وشارك في معرضها الأول. شارك في معرض جمعية أصدقاء الفن عام 1943 و1946.شارك في معرض ابن سينا الذي أقيم في بغداد عام 1952.أقام معارض شخصية في بغداد عام 1962 و1967 و 1971شارك في جميع المعارض الوطنية خارج العراق.شارك مع تسعة فنانين في إقامة معرض للفن العراقي في بيروت عام 1965. عضو جمعية الفنانين العراقيين.

عرف الفنان فائق حسن كما جاء في الكثير من البحوث أو الدراسات عن تجربته وتاريخه بحبه لرسم الطبيعة الطبيعة بواقعية أكاديمية وكانت غالبية لوحاته في بداية مشواره مستلهمة من واقعه المحيط القرى والبادية وحياة الناس وتحركاتهم كان ينغمس في تفاصيل الطبيعة لكنه يتعامل معها بإحساس الفنان وليس المصور الناقل للشكل كالفوتوغرافيا وكان يميل بشكل ملحوظ للحركة والديناميكية في اللوحة عند رسم الطبيعة أو الخيل فيمنح المشاهد شيء من حيوية الواقع بلمسات وضربات فرشاة انطباعية تكمل بناء اللوحة من جانب قياسات العناصر وتوزيعها في اللوحة،

وإذا كان الفنان فائق حسن قد عرف بالرسم والتصوير الزيتي إلا أن له تجارب كبيرة في مجال النحت. وكان النصف الثاني من القرن العشرين الفترة الأهم التي تعتبر الفترة الذهبية للفنان فائق حسن إذا علمنا أنه المؤسس لفن الرسم في (العراق) كما أشار إليه زميله الفنان الراحل شاكر حسن آل سعيد في كثير من تصريحاته الصحفية أو الخاصة، لإرسائه وتأسيسه قاعدة فنية أسهمت في تأسيس معهد الفنون الجميلة بالتعاون مع زميليه فنان الشعب جواد سليم، مرت بالفنان فائق حسن ظروف مرضية توفي على أثرها في الحادي عشر من كانون الثاني عام 1992م.

فائق حسن عاطفة الأرض والناس

من يشاهد لوحات الفنان فائق حسن يعرف أن مصدرها أرض عربية، دافئة في جوانب وباردة في أخرى لكنها تحمل العاطفة الجياشة للوطن. لم تلفت نظره الحداثة في ذلك الوقت لأن عينيه وعقله ووجدانه لا يفارقون كل جزء من مجتمعه أو محيطة البيئي، أجاد التحرك في اللوحة بكل اتجاهاته لا يترك فراغا إلا وله معنى ولا يملأ مساحة إلا وخلفها هدف يضع كل عنصر في مكانه مانحا له دورا في التكوين العام للوحة . يجد المشاهد في لوحات فائق حسن إحساسا غامرا يدفعه للعودة إليها مرات ومرات، لقدرته على توظيف ما فيها للجذب وللمتعة وللمعنى والفكرة، يميل كثيرا إلى الجمال في لوحاته الانطباعية المعبرة عن حياة الناس في مجتمعات متنوعة بين القرية والبادية في الصحراء وبجانب النهر، وفي المجالس الخاصة، ولم يتوقف فائق حسن عند هذه التجربة بقدر ما تجاوزها إلى تجارب حديثة محاولا التعرف على ما يمكن أن يخرج به من المدارس التجريدية والتعبيرية فكان له الكثير من الأعمال التي لا تبتعد كثيرا أو تنفصل عن سابقاته في تجاربه الأولى أو الأكثر حضورا في مسيرته فالألوان والخطوط باقية وروح الفنان الإبداعية حاضرة، نجد في لوحاته المنبثقة أو المستلهمة من الواقع العراقي ما يحمل رسالة لم يتوقعها في تلك الفترة إلا أنها حققت الكثير في هذا الزمن بعد أن تخلى الكثير بل الغالبية عن مثل تلك المظاهر الرائعة في المجتمع من تلاحم وتقارب، إضافة إلى بساطة المعيشة وجمال البيئة.

دراسات تؤكد القدرة على الرسم

من أراد أن يكتشف قدرة الفنان في التكوين ووجود قاعدة قوية من الإمكانيات الإبداعية فليطلب منه رسم سكت شاو تخطيط سريع بقلم الرصاص، هذا الاختبار تجاوزه الفنان فائق حسن في صغره وأكده في كبره وبنى عليه كل تجاربه فكانت ناجحة عودا إلى الأساس الحقيقي لهذا الفنان، نجد في بعض من اسكت شاته التي نستعرضها اليوم ملامح من تلك القدرة.

monif.art@msn.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6461 ثم إلى الكود 82244

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة