** في البدء أقرر أني أطرب لآراء الناقدة السعودية الأستاذة سهام القحطاني، لأنها ذات أبعاد متعددة تنم عن رصيد معرفي وثقافي يجعلان كتاباتها ذات لون فلسفي، عند ما تكسو كلماتها بما لا يخطر من العمق إلا بعد أن يقرأها المتلقي، ومن ذلك ما كتبتْه في «الثقافية» قبل أيام عن الثقافة الرقمية، مشيرة إلى بطء الاستفادة من وسائل تحويل الثقافة إلى رقمية، ومعترضة حتى على التسمية لأنها غير دقيقة وهي محقة، إذ الاستفادة من هذه الوسائل هي في إطار جنون شبابي مقلق. وهنا أشير إلى أن التعامل مع «الكمبيوتر» في بلادنا مختلف عما حدث مع كرة القدم، ذلك أنه منذ اللحظة الأولى بث الجنون في أوساط الأطفال والشباب ونسبة كبيرة من الكبار الذين يميلون إلى متابعة ما لا يفيد على حساب العلوم المفيدة محدثاً فجوات كبيرة بين أفراد الأسرة الواحدة، أما الكرة فقد بدأت على أنها مجرد هواية ثانوية في حياتنا ثم ما لبثت أن تحولت إلى جنون مرعب بحجم الكارثة الجارفة للشباب عند ما شاركت وسائل الإعلام، الأهلية والرسمية، في تأجيج التعصب الأعمى، وما يفرزه من مفردات نابية، بل بذيئة أحياناً، لأن العاملين فيه والمسؤولين عنه متفقون طبيعة على إحداث المزيد من الجنون بحيث يكون الشفاء منه شبه مستحيل، إن لم يكن المستحيل بعينه، ولا أدل على ذلك من وجود ست قنوات فضائية كروية يقابلها قناة ثقافية يتيمة وضعيفة الأداء، ولكم أن تتخيلوا الفارق الكبير بين ما هو كروي وبين ما هو ثقافي، ولعل من الحكمة أن يتذكر المتسببون في ما يحدث، لأنهم سيسألون عما فعلوه!!
ولعل ما يُقلق في هذا الصدد هو غياب البحوث العلمية والدراسات المستفيضة والتخطيط المحكم الذي يعيد الجيل إلى الجادة التي أضاعها منذ زمن، فهي عوامل فاعلة ما دامت من إنتاج العقل لا العاطفة، قبل أن يتسع الخرق على الراقع، إذ ما المانع في أن نستقدم خبراء اجتماعيين وتربويين موازين لمدربي الكرة الذين استنزفوا قدراً كبيراً من ثروة الوطن، كي يرسموا لنا خارطة طريق تدفع إلى بناء الوطن بعزيمة أبنائه، وكلنا يعلم أنه مركز الثقل في العالم الإسلامي، ولابد أن يكون شعبه قدوة حسنة ومؤثرة في غيره، ولن يتأتى ذلك من خلال المصادفة، ولنتذكر أننا مسؤولون عن تصحيح المسار.. ولا أجانب الحقيقة إذا قلت أن الأستاذة التربوية سهام القحطاني قد ألقت حجراً في البركة الساكنة وعلى المعنيين الاستفادة من ومضاتها الموفقة.. والله الملهم للصواب!!
ويبقى الشعر :
هل أنت إلا وردة تسحرُ
تزداد حسنا كلما تكبرُ
إذا رأيت الورد في روضة
أزداد شوقا.. هكذا أشعرُ
منذا يلوم الصب إذ يشتكي
والدمع من عينيه منهمرُ
إن الهوى يجني على أهله
ما دام فيهم ظالم يهجرُ
- الباحة